﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾ أغطية وحجباً ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً﴾ صمماً
﴿إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ أي يستمعون لك حالة كونهم متناجين، والمعنى: أنهم يستمعون إليك سراً؛ متجسسين عليك، غير ظاهرين لك.
أو إنهم يتناجون مع بعضهم حينما تتكلم ﴿إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ﴾ الكافرون للمؤمنين ﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً﴾ أي مجنوناً، به مس من السحر ومن أعجب العجب أن بعض المفسرين يقول في تأويل بعض الآيات: أن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه قد سحر، مستندين في هذا التأويل الفاسد إلى إفك روته اليهود؛ فتناقله ضعاف العقول، وصغار الأحلام؛ فليحذر العاقل من الوقوع في مثل ذلك الإفك
﴿وَقَالُواْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً﴾ حطاماً
﴿قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً﴾ أي لو كنتم حجارة أو حديداً، ولم تكونوا عظاماً ورفاتاً، فسيعيدكم الله تعالى كما كنتم في الدنيا
﴿فَطَرَكُمْ﴾ خلقكم ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ﴾ أي يحركونها مستهزئين
﴿وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ في الدنيا، أو في القبور
﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ يفسد ويغري
﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً﴾ كتاباً
﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم﴾ أنهم آلهة مع الله تعالى ﴿فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ﴾ إذا نزل بكم ﴿وَلاَ تَحْوِيلاً﴾ أي ولا يملكون تحويل الضر عنكم إلى غيركم
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ يعبدون؛ أي يعبدهم العباد من دونالله: كالملائكة، وعيسى، وعزير. وقرأ ابن مسعود «تدعون» أي هؤلاء الأرباب الذين تعبدونهم؛ هم عباد أمثالكم ﴿يَبْتَغُونَ﴾ بعبادتهم وطاعتهم ﴿إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ التي تقربهم إليه؛ ولا يدرون ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ﴾ يطلبون ويأملون رضاءه عنهم، ومغفرته لهم ﴿وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ أن ينزل بهم ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً﴾ أي يخاف منه ويحذر. والرجاء والخوف: مرتبتان؛ متلازمتان، والجمع بينهما: هو المثل الأعلى، والتوسط فيهما: هو غاية الكمال؛ فإذا زاد الخوف: ذهب بالحب؛ وهو لب العبادة وجوهرها وإذا زاد الرجاء: ذهب بالأدب والوقار؛ وهما صلب المعرفة
وكما أن الكرم: وسط بين التبذير والبخل. والشجاعة: وسط بين التهور والجبن؛ كذلك يكون كمال الإيمان: في التوسط بين الخوف والرجاء
﴿وَإِن مِّن قَرْيَةٍ﴾ وما من قرية ﴿إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا﴾ أي مخربوها، أو مهلكو أهلها بالموت؛ إن كانت مؤمنة، وبالعذاب؛ إن كانت ظالمة، وبالأمراض والأوصاب؛ إن كانت فاسقة ﴿أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً﴾ بالقتل، والأسر، والذل. أو يكون المعنى: «وإن من قرية» ظالمة «إلا نحن مهلكوها» قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾
-[٣٤٥]- ﴿كَانَ ذلِك فِي الْكِتَابِ﴾ اللوح المحفوظ


الصفحة التالية
Icon