﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ خطاب لأهل الكهف؛ أي وإذ جانبتم هؤلاء الكفار ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ أي واعتزلتم الذين يعبدونه من الآلهة ﴿إَلاَّ اللَّهَ﴾ سوىالله. وقرأ ابن مسعود «وما يعبدون من دون الله» وعلى ذلك مصحفه؛ وذهب قتادة إلى أنه تفسيرها ﴿فَأْوُوا﴾ الجأوا ﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ يبسطها لكم ﴿وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً﴾ وهو ما ينتفع به؛ من بناء، وغذاء، وكساء
﴿تَّزَاوَرُ﴾ تميل تقطعهم؛ أي تتركهم وتعدل عنهم ﴿وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ﴾ متسع من الكهف. والفجوة: الفرجة ﴿ذَلِكَ﴾ أي ميل الشمس وتركها لمكانهم؛ مع مخالفة ذلك للنظام الكوني ﴿مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ الدالة على وجوده وقدرته ﴿فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً﴾ يلي أمره، ويقوم بمعونته ﴿مُّرْشِداً﴾ له إلى الهدى وطريق الصواب
﴿وَتَحْسَبُهُمْ﴾ إذا رأيتهم ﴿أَيْقَاظاً﴾ منتبهين؛ لأن أعينهم منفتحة ﴿وَهُمْ رُقُودٌ﴾ نيام ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ﴾ أثناء نومهم ﴿ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ لئلا تأكل الأرض لحومهم؛ وقد يكون التقليب بواسطة ملك يأمره الله تعالى به، أو بفعلهم هم - بتوفيق من الله تعالى - كما يفعل النائم حال نومه؛ ولذا يحسبهم الرائي أيقاظاً؛ لتقلبهم وانفتاح أعينهم ﴿بِالوَصِيدِ﴾ عتبة الكهف. والباب الموصد: المغلق ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾ لما حفهم الله تعالى به من الهيبة، وأحاطهم به من العظمة؛ وقد منعهم الله تعالى من الناس بالرعب: لئلا يقربوا منهم، ويعبثوا بهم؛ فصاروا بحيث لا يستطيع أحد قربهم أو الدنو منهم. أما من قال: إن الفرار منهم والرعب بسبب طول شعورهم وأظفارهم؛ فليس بشيء: لأنهم حين استيقظوا قال بعضهم لبعض ﴿لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾
﴿وَكَذلِكَ بَعَثْنَاهُمْ﴾ أيقظناهم من نومهم ﴿لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ﴾ ليسأل بعضهم بعضاً ﴿فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ﴾ الورق: الفضة. والمراد بها: النقود التي كانت متداولة بينهم ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَى﴾ أحل وأطيب ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في دخول المدينة، وشراء الطعام