﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾ وهي صيغة تعجب؛ أي ما أبصره تعالى بكل موجود، وما أسمعه لكل مسموع
﴿لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ التي ذكرها في كتابه الكريم: فقد وعد تعالى بحفظه من التبديل والتغيير، وبالتالي فإن ما فيه من قصص، وعبر، وترغيب، وترهيب، كله حق، وكله واقع لا محالة ﴿وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ﴾ غيره ﴿مُلْتَحَداً﴾ ملجأ
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾ احبسها ﴿﴾ صباحاً ﴿وَالْعَشِيِّ﴾ مساء ﴿يُرِيدُونَ﴾ بعبادتهم ﴿وَجْهَهُ﴾ أي لا يريدون بطاعتهم الدنيا - مع حاجتهم إليها - بل يريدون عبادته تعالى ورضاءه ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ﴾ لا تجاوز، ولا تنصرف ﴿عَنْهُمْ﴾ عن هؤلاء الطائعين؛ ولو كانوا من المعدمين ﴿تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أي لا تصرف وجهك عن الفقراء - الذين لا يجدون ما يأكلون، أو يلبسون، أو يركبون - إلى الأغنياء الذين طعموا أحسن الطعام، ولبسوا فاخر الثياب، وركبوا فاره المركب؛ وجميع ذلك من زينة الحياة الدنيا. أما في الآخرة فقد يعري الكاسي، ويكسي العاري، ويركب الماشي، ويحفي الراكب ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ عقوبة له، وانتقاماً منه؛ لاتباعه هواه، وعصيانه مولاه ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ (انظر آية ١٧٦ من سورة الأعراف) ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
مجاوزاً عن الحق، ومسرفاً في العصيان والكفر
﴿وَقُلِ الْحَقُّ﴾ الإسلام والقرآن ﴿مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ﴾ منكم ﴿فَلْيُؤْمِن﴾ باختياره ﴿وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ بإرادته؛ فقد خير الله تعالى الإنسان، بين الكفر والإيمان؛ بعد أن بين له عاقبة الإيمان، ومغبة الكفران ﴿إِنَّآ أَعْتَدْنَا﴾ هيأنا
-[٣٥٦]- وأعددنا ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ الكافرين ﴿نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ أي تحيط بهم يوم القيامة إحاطة السرادق بمن فيه من الجموع ويقال للدخان، إذا ارتفع وأحاط بالمكان: سرادق ﴿وَإِن يَسْتَغِيثُواْ﴾ من العطش ﴿يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ﴾ وهو المعدن المذاب، أو القطران، أو عكر الزيت ﴿وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً﴾ المرتفق: المتكأ، وهو ما يستند إليه بمرفق اليد: كالمخدة، ونحوها. والمعنى: انعدام الراحة فيها. أو هو كل ما ينتفع به، وليس في جهنم ما ينتفع به إطلاقاً؛ وإنما سيقت للمقابلة مع قوله تعالى عن الجنة «وحسنت مرتفقاً» كما سيأتي


الصفحة التالية
Icon