﴿وَلَوْلا﴾ وهلا ﴿إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ﴾ عند إعجابك بها، وسرورك من منظرها ﴿مَا شَآءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ﴾ ولم تقل «ما أظن أن تبيد هذه أبداً» إنك ﴿إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً﴾ في هذه الدنيا الفانية
﴿فعسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ﴾ في الآخرة الباقية ﴿خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ﴾ التي تعجب بها وتفخر ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً﴾ صواعق ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾ والحسبان أيضاً: العذاب؛ وهو يشمل كل آفة تنزل من السماء؛ فتهلك الزرع ﴿فَتُصْبِحَ﴾ جنتك الزاهية الزاهرة، المثمرة الناضرة ﴿صَعِيداً زَلَقاً﴾ أرضاً جرداء ملساء؛ لا تثبت عليها قدم
﴿أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا﴾ الذي يتوقف عليه إثمارها وازدهارها ﴿غَوْراً﴾ غائراً: أي ذاهباً في الأرض ﴿فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً﴾ وكيف يطلب مالا وجود له أصلاً؟ وقد حقق الله تعالى ما قاله المؤمن في جنة الكافر: فأنزل الله من السماء ما أتلفها أو نحوها
﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ هو كناية عن إهلاك الثمار عن آخرها ﴿فَأَصْبَحَ﴾ الكافر ﴿يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ﴾ يضرب إحداهما على الأخرى؛ ندماً وتحسراً ﴿عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا﴾ أي في الجنة: من جهد، ووقت، ومال ﴿وَيَقُولُ يلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً﴾ بعد أن علم أن كفره كان سبباً لما حل به من المصائب
﴿وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ فيمنعون عنه ما نزل به، ويحولون دون ما أراده الله تعالى به من خزي وخسران {وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً *
هُنَالِكَ} عند حلول انتقام العزيز الجبار ﴿الْوَلاَيَةُ﴾ السلطان، والملك، والقدرة والنصرة ﴿لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ لا لغيره أو «هنالك» يوم القيامة؛ عند معاقبة العاصين، وإثابة الطائعين
﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً﴾ أي خير من يثيب على الإيمان والطاعة ﴿وَخَيْرٌ عُقْباً﴾ أي عاقبة للمؤمنين
﴿وَاضْرِبْ لَهُم﴾ يا محمد ﴿مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وحسنها وبهجتها؛ مع سرعة زوالها وانقضائها ﴿كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ بيسر وسهولة ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ﴾ أي شرب منه، ونما وازدهر بسببه؛ غير أنه ذبل بعد ذلك ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيماً﴾ يابساً متكسراً ﴿تَذْرُوهُ الرِّياحُ﴾ تنسفه وتطيره
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فبهما الغنى والسعة، واليسر والعون - في هذه الدنيا المحتقرة - فلا تجعلوا المال مأربكم، والبنين مطلبكم: تجمعون المال وتنسون المآل، وتخصون بنيكم بالخير، وتغفلون الغير؛ مع أن الله تعالى قد وعد منفقاً خَلَفاً، وأوعد ممسكاً تلفاً
-[٣٥٨]- ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ أعمال الخير والبر ﴿خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً﴾ وأجراً؛ من الدنيا وما فيها، ومن فيها ﴿وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ أي أفضل أملاً من ذي المال والبنين، بغير عمل صالح


الصفحة التالية
Icon