﴿لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ﴾ الذي يريدونه؛ بل هم ﴿بِأَمْرِهِ﴾ الذي يريده ﴿يَعْمَلُونَ﴾ لا يعملون سواه
﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ ما سيحدث منهم ولهم ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ ما مضى من أمرهم وأعمالهم ﴿وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ خائفون
﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً﴾ سداً ملتئمتين ﴿فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ شققنا السماء بالمطر، والأرض بالنبات؛ نظيره قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ أو شق السماء والأرض فجعل كلاً منهما سبعاً، وزعم بعض الفلاسفة: أن قطعة انفصلت من الشمس - بعوامل طبيعية - فكانت أرضنا هذه؛ وهو قول لا دليل عليه غير ما زعموا؛ ومن عجب أن شايعهم بعض المحدثين في هذه القالة؛ التي ما أريد بها غير نفي وجود الله تعالى وقدرته على صنع هذه الأرض؛ وأنها لم تكن إلا بمحض الصدفة؛ كما أن الإنسان أيضاً كان بمحض الصدفة والتطور. وهو قول خبيث، له خبىء؛ ما أريد به وجه العلم؛ بل أريد به نشر الكفر، وفشو الإلحاد؛ فاحذر - هديت وكفيت - دس الملحدين ووسوسة الشياطين ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ﴾ أي بواسطته وسببه ﴿كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ جماداً كان أو نباتاً، حيواناً أو إنساناً
﴿وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ جبالاً ثوابت ﴿أَن تَمِيدَ بِهِمْ﴾ أي خشية أن تميل الأرض وتتحرك بمن عليها ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً﴾ مسالك ﴿سُبُلاً﴾ طرقاً
﴿وَجَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً﴾
من الوقوع، ومن عبث الشياطين ﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا﴾ أي آيات السماء وما فيها من شموس ومجرات، وكواكب وأنجم، وبروج ومنازل
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ الْلَّيْلَ﴾ لتسكنوا فيه ﴿وَالنَّهَارَ﴾ لتعملوا فيه، وتبتغوا من فضله خلق ﴿الشَّمْسَ﴾ سراجاً وهاجاً، لمنفعة الإنسان والحيوان، والثمار والنبات خلق ﴿الْقَمَرُ﴾ نوراً وضياء؛ ليهتدي به الناس إلى حساب الأشهر والسنين ﴿كُلٌّ﴾ منها ﴿فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يسيرون في الهواء؛ كالسابح في الماء
﴿وَنَبْلُوكُم﴾ نختبركم ﴿بِالشَّرِّ﴾ الفقر، والمرض، والبؤس ﴿وَالْخَيْرِ﴾ الغنى، والصحة، والسعادة. وهذا الابتلاء بالشر والخير ﴿فِتْنَةً﴾ لكم؛ لننظر أتصبرون على الشر، وتشكرون على الخير؛ أم تكفرون في أحدهما أو كليهما
-[٣٩٢]- ﴿وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ يوم القيامة؛ فنأجركم على الشكر والصبر، ونؤاخذكم على اليأس والكفر


الصفحة التالية
Icon