﴿أُولَئِكَ﴾ المذكورون ﴿عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ﴾ هداية أضفاها عليهم، وعناية أحاطهم بها: لإيمانهم بالغيب، وإقامتهم الصلاة، وإنفاقهم مما رزقهم الله ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الفائزون بالجنة، الناجون من النار
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ أي وعظتهم أم لم تعظهم، وخوفتهم أم لم تخوفهم ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ عناداً واستبداداً
﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ أي غطى عليها وطبع ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ غطاء. من غشاة: إذا غطاه. والمعنى: أنه تعالى طبع وغطى على قلوبهم؛ فلا تفهم العظة، وعلى أسماعهم؛ فلا تسمع النصح، وعلى أبصارهم؛ فلا ترى الحقيقة
﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ وهم المنافقون ﴿مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ وغاية الإيمان: أن يؤمن الإنسان بقلبه ب الله فيتقيه، وباليوم الآخر وما فيه. أما إذا كان الإيمان لا يجاوز اللسان: فهو خداع ونفاق؛ وذلك لأنك إذا تيقنت أن هناك إلهاً قادراً عظيماً؛ يراك حين تعصاه، ويسمعك حين تبغى على مخلوقاته: وجب عليك أن تتجنب هذا العصيان وذلك البغي، وإذا آمنت أن هناك يوماً تحاسب فيه على الكبير والصغير، والنقير والقطمير: وجب عليك ألا تفعل إلا طيباً، ولا تقول إلا حسناً
﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ يبدون من الإيمان، خلاف ما يخفون من الكفران
﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ شك ونفاق. لأن الشك: تردد بين الأمرين، والمريض: متردد بين الحياة والموت
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ هكذا شأن المفسدين في كل زمان ومكان: يظنون في أنفسهم الإصلاح وهم عنه بعداء، ويتوهمون ما يفعلونه الخير وهم منه براء يعنون بالسفهاء: أئمة المسلمين، وهداة الدين؛ الذين آمنوا بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه «وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه» والسفهاء: الجهال. قال تعالى رداً عليهم: لمزيد جهلهم، وفرط سفههم
﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ أي إذا انفردوا بمن هم كالشياطين في العتو والتمرد والكفر؛ وهم رؤس الكفر والضلال من قسسهم ورهبانهم.
-[٥]- ﴿قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ﴾ في الدين؛ فلا تظنوا أنا قد آمنا مع هؤلاء واتبعنا دينهم ﴿إِنَّمَا نَحْنُ﴾ بتظاهرنا بالإيمان ﴿مُسْتَهْزِئُونَ﴾ بمحمد وأصحابه. قال تعالى رداً على استهزائهم بالمؤمنين


الصفحة التالية
Icon