﴿وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ تضرب بها رؤوسهم والمقامع: جمع مقمعة؛ وهي عمود من حديد؛ يضرب به رأس الفيل ليستكين ويحد من هيجانه. وهي مشتقة من القمع
﴿كُلَّمَآ أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا﴾ أي من النار ﴿مِنْ غَمٍّ﴾ حزن شديد، وهم بالغ نالهم ﴿أُعِيدُواْ فِيهَا﴾ بالضرب بالمقامع يقال لهم ﴿ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ بما قدمتم
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ﴾ بفضله ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ به وبكتبه ورسله ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ﴾ بساتين: لا آخر لعظمها، ولا حد لبهجتها
﴿وَهُدُواْ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ أي هدوا في الدنيا إلى القول الطيب؛ الذي وصلهم إلى هذه الدرجة من النعيم: وهو لا إله إلا الله ﴿وَهُدُواْ إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾ أي إلى طريقالله، الموصل إليه؛ وهو الإيمان
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ﴾ يمنعون ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه ﴿سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ﴾ المقيم ﴿وَالْبَادِ﴾ غير المقيم ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ أي ومن يهم فيه بمعصية ﴿نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ جاء في اللغة: ألحد في الحرم: إذا احتكر الطعام. وقيل: الإلحاد: الحلف الكاذب، أو هو منع الناس عن عمارة المسجد الحرام. وقرىء «ومن يرد» بفتح الياء: من الورود.
هذا ولم يؤاخذ الله تعالى أحداً من خلقه على الهم بالمعصية ما لم يرتكبها، ولا بالشروع فيها ما لم يأتها؛ إلا في المسجد الحرام: فإن من يهم فيه بالذنب: كمن يقترفه وذلك لأن الإنسان يجب عليه أن يكون في الحرم طاهر الجسم، نقي القلب، صافي السريرة، خالصاً بكليتهلله، طامعاً في مغفرته، مشفقاً من غضبه وإن من ينتهك حرمة الملك بمعصيته في حماه، وداخل بيته: أجرأ على المعصية ممن يرتكبها بعيداً عنه وحقاً إن من تهجس نفسه بالسوء؛ وهو في داخل الحرم الآمن: لجدير بالجحيم، والعذاب الأليم
﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا﴾ هيأنا ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾ من الأصنام والأوثان والرجس
﴿وَأَذِّن﴾ ناد ﴿فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ أي مشاة على أرجلهم ﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ أي ركباناً. والضامر: البعير، أو الفرس المهزول ﴿يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ﴾ من كل طريق بعيد
﴿لِّيَشْهَدُواْ﴾ يحضروا ﴿مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ بالتجارة، والتعرف بالناس من شتى الأقطار. وفي هذا من المنافع الاجتماعية ما فيه؛ وقد اهتم الشارع الحكيم باجتماع الناس وتآلفهم، وتبادلهم الأخوة الدينية، والمحبة الخالصة فشرع صلاة الجماعة: ليختلط أهل الحي الواحد، وشرع الجمعة: ليجتمع أهل البلدة، وشرع الحج: ليجتمع أهل الأقطار والأمصار؛
-[٤٠٥]- ليتعارفوا، ويتحابوا، ويتبادلوا الآراء العامة؛ التي تعود بالنفع على الأمة الإسلامية في سائر أقطار المعمورة ﴿وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ﴾ الذي أصابه بؤس وشدة


الصفحة التالية
Icon