﴿ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ﴾ التفث في المناسك: قص الأظافر والشارب، وحلق الرأس والعانة، ورمي الجمار، ونحر البدن، وأشباه ذلك.
والتفث في اللغة: الوسخ. أي وليزيلوا وسخهم ﴿وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ﴾ من الهدايا والضحايا ﴿وَلْيَطَّوَّفُواْ﴾ يطوفوا طواف الإفاضة؛ الذي هو من واجبات الحج ﴿بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ القديم؛ وهو البيت الحرام. وسمي بالعتيق: لأنه أول بيت وضع للناس. قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً﴾
﴿وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾ يجتنب ما لا يحل انتهاكه ﴿إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ تحريمه في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ ﴿فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ﴾ القذر. وهو كل ما يستوجب العقاب والعذاب ﴿مِنَ الأَوْثَانِ﴾ الأصنام ﴿وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ﴾ شهادة الزور. وقول الزور: من أكبر الكبائر، وهو من الموبقات المهلكات وما فشا الزور في قوم: إلا وحل بهم الخراب والدمار
﴿حُنَفَآءَ للَّهِ﴾ مسلمين ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾ أي فكأنما سقط من السماء فتخطفته الطير، ومزقته كل ممزق ﴿أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ﴾ تسقطه وتلقيه ﴿فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ بعيد. أي إنه لا ترجى له نجاة في الحالتين
﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ الشعائر: جمع شعيرة؛ وهي أعمال الحج، وكل شيء فعل تقرباً إلى الله تعالى وتعظيمها: اختيار البدن حسنة سمينة ﴿فَإِنَّهَا﴾ أي تعظيم الشعائر، والقيام بها على أكمل وجه، وأجمل صفة ﴿مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ وهي أرقى مراتب التقوى قال «التقوى ههنا» وأشار إلى صدره الشريف
﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ﴾
أي مكان وجوب نحرها. والضمير للأنعام
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً﴾ أي موضع قربان؛ وهو مكان الذبح المطمئنين بذكر الله تعالى، المطيعين له، المتواضعين
﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ خافت ﴿وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَآ أَصَابَهُمْ﴾ من البأساء والضراء
﴿وَالْبُدْنَ﴾ جمع بدنة؛ وهي من الإبل والبقر: كالأضحية من الغنم ﴿صَوَآفَّ﴾ أي قائمات قد صفت أيديهن وأرجلهن ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ أي سقطت على الأرض بعد نحرها ﴿فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ﴾ وهو الراضي بما عنده، وبما يعطي؛ من غير مسألة. أو هو السائل ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾ وهو الذي يريك نفسه ولا يسأل
﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ﴾ أي لن يصل إليه ﴿لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا﴾ فقد استمتعتم بها أكلاً وبذلاً ﴿وَلَكِن يَنَالُهُ﴾ يصل إليه
-[٤٠٦]- ﴿التَّقْوَى مِنكُمْ﴾ أي إنه تعالى لن يصل إليه، ولن يقبل من ذلك إلا ما أريد به وجهه جل شأنه؛ فذلك وحده هو المقبول المجزى عليه أما ما أريد به التظاهر والتفاخر والرياء والاستعلاء: فهو مردود على فاعله موزور عليه غير مأجور