﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾ يؤخذ من هذه الآية: أن العاقل الحكيم، يخطب لبناته صاحب الخلق الكريم، حيث لا تهمه المادة؛ بل يهمه القوة على العمل والقدرة على الكسب؛ لئلا يكون عالة على غيره ﴿عَلَى أَن تَأْجُرَنِي﴾ أن تكون أجيراً لي ﴿ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ سنين
﴿قَالَ ذَلِكَ﴾ الأمر ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ﴾ الثمان أو العشر ﴿قَضَيْتُ﴾ مهراً لزوجتي ﴿فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ أي فلا أكون معتدياً، أو لا يعتدي عليَّ بطلب الزيادة
﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ﴾ الأكمل، والأتم. وقيل: قضى عشراً وعشراً؛ ومن أوفى في الأداء، من الأنبياء؟ ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ بامرأته نحو مصر؛ بعد أن قضى بمدين المدة المسقطة للجريمة؛ وكانت تسقط بمضي عشر سنوات في شريعة فرعون؛ وهي جريمة قتل القبطي ﴿آنَسَ﴾ أبصر ﴿مِن جَانِبِ الطُّورِ﴾ الجبل ﴿أَوْ جَذْوَةٍ﴾ قطعة متقدة ﴿تَصْطَلُونَ﴾ تستدفئون
﴿فَلَمَّآ أَتَاهَا﴾ أتى موسى النار. وقيل: أتى الشجرة الآتي ذكرها ﴿نُودِيَ مِن شَاطِىءِ﴾ جانب ﴿الْوَادِي الأَيْمَنِ﴾ بالنسبة لموسى ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ التي أوجدها الله تعالى في هذا المكان، البعيد عن العمران والسكان، الخالي من الماء والنبات؛ ونودي بكلام مقدس: لا تحيط به اللغات، ولا تدركه الصفات، ولا يشابه الحروف والأصوات؛ ولا يشاكل النغمات والعبارات؛ من لدن باسط الأرض ورافع السموات «نودي» {أَن يمُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ *
وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} لأريك من بدائع قدرتي، وعجيب صنعي. فألقاها فإذا بالحياة تدب فيها بأمر باعث الحياة، وإذا بها تتثنى وتتلوى؛ وقد زايلها الجمود الملصق بطبيعتها ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾ تتحرك ﴿كَأَنَّهَا جَآنٌّ﴾ حية صغيرة كثيرة الحركة ﴿وَلَّى مُدْبِراً﴾ رجع مسرعاً من حيث أتى ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ لم يرجع


الصفحة التالية
Icon