﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ﴾ يغطيهم ﴿وَيِقُولُ﴾ أي يقول لهم ربهم على لسان ملائكته - لأنهم محجوبون عن التلذذ بخطاب العزيز الكريم - ﴿ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي جزاءه
﴿يعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾ فإذا أوذيتم في بلدة؛ فهاجروا منها إلى غيرها
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ لننزلنهم ﴿مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفَاً﴾ الغرف: أعالي الجنة ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أبداً؛ خلوداً لا نهاية له
﴿الَّذِينَ صَبَرُواْ﴾ على الطاعات، وعن المعاصي
﴿وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ﴾ أي وكم من دابة. والدابة: كل ما يدب على وجه الأرض؛ من إنسان، أو حيوان، أو طير، أو حشرة، أو نحوه ﴿لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾ أي لا تستطيع الحصول عليه، ولا تدخره ﴿اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لأقوالكم ودعائكم ﴿الْعَلِيمُ﴾ بأفعالكم وضمائركم
والعجب كل العجب: أن تضرب الصخرة؛ فتنشق عن حشرة: لا تدري حين تلقاها، من أين يرزقها مولاها، وعلى أي شيء أنشأها ورباها وهي إن لم تجد القوت؛ فليس لها حتماً سوى الموت وتجد الإنسان - صاحب الحول والطول، والحيلة والدهاء والتدبير - دائب الكد، متواصل السعي؛ فلا يدرك - بكده وجهده - غير لقمته، ولا يبلغ من حياته سوى الكفاف، أو ما هو دون الكفاف وتجد آخر متربعاً في عقر داره؛ يحمل إليه فاخر الملبس، ونفيس المأكل والمشرب؛ بما يفيض عن حاجته، ويزيد عن طلبته؛ ليسجل تعالى على مخلوقاته: أنه الرازق بلا سبب، المعطي بلا طلب رزق «السميع العليم» الذي تكفل بما خلق؛ وساق لكل ما أراده تعالى له، لا ما أراده هو لنفسه؛ فتعالى المدبر الحكيم، الرزاق الكريم ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ فكيف يصرفون عن الإيمان، بعد اعترافهم
﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ يوسعه من غير سبب ﴿لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ من غير طلب ﴿وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ ويضيق عليه؛ بعد التوسعة: ابتلاء له، أو انتقاماً منه