﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ أي لا يجتمع الكفر والإيمان، والضلال والهدى، والمعصية والطاعة؛ في قلب واحد. وما دام الإنسان بقلب واحد - لا يتسع إلا لشيء واحد - فلا يكون إلا مؤمناً أو كافراً، ضالاً أو مهتدياً، عاصياً أو طائعاً. ولا طاقة لإنسان أن يجمع بين الضدين؛ فما جعل الله لرجل من قلبين ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ كان الرجل في الجاهلية إذا أراد طلاق امرأته؛ قال لها: أنت علي كظهر أمي ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ﴾ نزلت في زيدبن حارثة رضي الله تعالى عنه؛ وقد تبناه الرسول؛ فكانوا يقولون: زيد ابن محمد ﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ﴾ ويقضي به ﴿وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ الطريق القويم؛ المؤدي لكل خير
﴿ادْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ﴾ أي انسبوهم لهم ﴿هُوَ أَقْسَطُ﴾ أعدل ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ أقرباؤكم ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ إثم
﴿النَّبِيُّ أَوْلَى﴾ أحق ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ لأنه عليه الصلاة والسلام أب لهم؛ وهو يدعوهم إلى النجاة، وأنفسهم تدعوهم إلى الهلاك ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ في الحرمة والإجلال والتكرمة ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ﴾ ذووا القرابات ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ في التوريث؛ كما أمر الله تعالى، وفرض في كتابه ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ وقد كانوا يتوارثون - في بدء الإسلام - بالإيمان والهجرة؛ فنسخ بتوريث ذوي الأرحام
﴿إِلاَّ أَن تَفْعَلُواْ إِلَى أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً﴾ أي إلا أن تهبوا لأقربائكم الأباعد، أو لعبيدكم، أو توصوا لهم بشيء؛ لا أن يرثوا فيكم؛ فأقرباؤكم - من ذوي الأرحام - أولى بالميراث وأحق


الصفحة التالية
Icon