﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ فلما سمعاها قالا: رضينا يا رسولالله. فزوجها لزيد، وأمهرها له؛ فصارت تشمخ بأنفها، وتفخر عليه بنسبها. وتسيء معاملته؛ وكان يشكو ذلك لرسولالله - المرة بعد المرة - فكان عليه الصلاة والسلام - مع علو مقامه - يغلبه الحياء؛ فيتئد ويتمهل، ولا يعمل في تنفيذ حكم الله تعالى - الذي قضاه وأطلعه عليه - ويقول لزيد
﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ إلى أن غلب أمر الله تعالى: فأذن لزيد في طلاقها؛ بعد أن ذاق معها الأمرين فتزوجها رسولالله؛ طائعاً لأمر ربه ﴿لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً﴾ أي دخلوا بهن، وخلا بعضهم إلى بعض. فأين هذا مما خاض فيه الخائضون، وداعاه المبطلون؛ مما لا يرتضيه الأتقياء، فكيف بسيد الأنبياء؟ وتعالى الله عن أن يرسل رسولاً يطمح بعينيه إلى حلائل المؤمنين وأما خشيته للناس: فذلك استحياء منهم أن يقولوا: تزوج زوجة ابنه، بعد نهيه عن نكاح حلائل الأبناء ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴾ أي أمره لك، ووحيه إليك بتزوج زينب؛ رغم قولك لزيد ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾
﴿مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ﴾ إثم ﴿فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ﴾ أحله ﴿لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ﴾ طريقته ﴿فِي الَّذِينَ خَلَوْاْ﴾ مضوا من الأنبياء ﴿مِن قَبْلُ﴾ فقد أحل لهم التوسعة في الزواج: كداود، وسليمان،
-[٥١٥]- وغيرهما؛ ممن لم تصل إلينا أخبارهم