﴿فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ﴾ يسرعون
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ﴾ أنبياء أنذروهم عاقبة كفرهم، ومآل أمرهم
﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ﴾ أي عاقبة المرسل إليهم؛ حين كذبوا رسلهم؛ فأهلكناهم
﴿إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ الذين آمنوا به، وصدقوا رسله؛ فإنهم لم يمسسهم العذاب
﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ كان لنوح عليه السلام ثلاثة أولاد: سام: وهو أبو العرب، وفارس، والروم. وحام: وهو أبو السودان. ويافث: وهو أبو الترك، والخزر، ويأجوج ومأجوج
﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ﴾ ممن تابعه في الدين ﴿لإِبْرَاهِيمَ﴾ الخليل: جد نبينا عليهم الصلاة والسلام
﴿إِذْ جَآءَ﴾ إبراهيم ﴿رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ خالص من الشك والشرك
﴿أَإِفْكاً آلِهَةً﴾ أي أتعبدون إفكاً؟ والإفك: أسوأ الكذب
﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إذ لقيتموه وقد عبدتم غيره؟ أتظنون أنه تارككم بغير حساب وعقاب؟ فانصرفوا عنه؛ بعد أن دعوه إلى مصاحبتهم
﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ﴾ أي نظر إلى السماء؛ موهماً لهم أنه يستطلع أخبار النجوم - وقد كانوا ممن يعتقدون ذلك - والتفت إليهم
﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ أي عليل. وكانوا يخشون العدوى؛ ولذلك وصفهم الله تعالى بقوله:
﴿فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ أي أسرعوا بالابتعاد عنه.
وعلم التنجيم: علم قديم شائع ذائع. وقد شغف به كثير من المتقدمين، وأسسوا له أسساً، وبنوا له قواعد؛ وربطوا بين كل إنسان وما يتفق مع ولادته من طوالع الكواكب واقترانها، وقالوا بسعادة بعض الكواكب، ونحوسة بعضها. كما قالوا - تبعاً لذلك - بسعادة بعض المواليد، وشقاوة البعض الآخر. وما من شك أن هناك رابطة بين أجزاء الكائنات، وبالتالي بين الكواكب، وبين الكون الذي نحن فيه. كيف لا؛ والأرض كوكب من بين هاتيك الكواكب أما تعلق الكواكب بسعادة بعض الناس، وشقاوة البعض الآخر؛ فمما لا يسلم به الفكر السليم؛ فكثيراً ما نرى أناساً - لا حصر لهم - يموتون في الحروب؛ في وقت واحد، وآخرين يموتون في حرق أو غرق، وآخرين تحصدهم الأوبئة، وتجتاحهم الطواعين. فكيف اتفق لجميع هؤلاء الشقاوة والنحوسة، مع اختلاف طبائعهم، وتباين أوقات ميلادهم؟ وكثيراً ما نرى أيضاً الرجل صنو الرجل: في مولده، وفي معيشته، وفي دراسته؛ فيفترقان: هذا في قمة السعادة، وذروة المجد؛ وذاك في حضيض البؤس، ودرك الفقر
﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ﴾ مال إليها سراً وخفية