﴿وَمَا تَفَرَّقُواْ﴾ أي ما تفرق الناس في الدين؛ فآمن بعضهم، وكفر البعض الآخر ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ﴾ جميعاً ﴿الْعِلْمُ﴾ بالله تعالى، وبحقيقة توحيده، وصحة دينه، وصدق رسله. وهو علم مسقط للمعذرة، موجب للتكليف؛ وإنما كان كفر الكافرين ﴿بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾ ظلماً واستعلاء، وطلباً للرئاسة. أو المراد بـ «العلم» الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ﴾ (انظر آية ٨٩ من سورة البقرة) ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ بتأخير العذاب ﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ وقت معلوم؛ وهو يوم القيامة ﴿لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ﴾ بتعذيب المكذبين، وإهلاكهم في والدنيا ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الْكِتَابَ﴾ أي نزل إليهم، وورثوا علمه؛ وهم اليهود والنصارى ﴿لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ من محمد
﴿فَلِذَلِكَ﴾ الدين القيم والإله الواحد ﴿فَادْعُ﴾ الناس ﴿وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ﴾ لا تعر مزاعمهم التفاتاً ﴿وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ﴾ عليّ، وعلى الرسل السابقين ﴿وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ في الحكم - إذا تخاصمتم - وفي قسمة الغنائم، وفي كل ما تحتكمون إليَّ فيه ﴿لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ أي نحن نؤاخذ بأعمالنا، وأنتم تؤاخذون بأعمالكم؛ لا يؤاخذ أحدنا بعمل الآخر ﴿لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ أي لا حجة قائمة تحتجون بها علينا؛ وإنما هو عناد ومكابرة ﴿اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا﴾ وبينكم يوم القيامة ﴿وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ فيثيب الطائع، ويأخذ العاصي
﴿وَالَّذِينَ يُحَآجُّونَ﴾ يخاصمون ﴿مِن بَعْدِ مَا اسَتُجِيبَ﴾ له أي بعد ما استجاب له الناس، ودخلوا في دين الله تعالى أفواجاً. أو من بعد ما قامت الحجج الظاهرة، والبراهين القاطعة؛ على وجوده تعالى ووحدانيته وبذلك وجبت الاستجابة له؛ والإيمان به ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ﴾ باطلة ساقطة


الصفحة التالية
Icon