﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ أي لا أسألكم على التبليغ أجراً؛ إلا أن تودوا قراباتكم، وتصلوا أرحامكم. وقيل: المراد بالقرابة: قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام. وهو مردود؛ لأن مودة قرابة الرسول - ولو أنها فرض على كل مؤمن - فإنها تعتبر أجراً على التبليغ، وسياق القرآن الكريم ينافي ذلك في سائر مواضعه. وقيل:
﴿إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ أي إلا أن تودوني وتكفوا عن إذايتي؛ لقرابتي منكم ﴿وَمَن يَقْتَرِفْ﴾ يكتسب ﴿حَسَنَةً﴾ طاعة ﴿نَّزِدْ لَهُ فِيهَا﴾ في أجرها ﴿حُسْناً﴾ أي نضاعفها له
﴿فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ﴾ أي يربط عليه بالصبر على أذاهم، وتكذيبهم لك ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بمكنونات القلوب
﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ توبة العبد: هو أن يندم على ما ارتكبه من الذنوب، ويعيد ما فاته من الفرائض، ويرد ما اكتسبه من المظالم
﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ أي يجيبهم الله تعالى إلى ما يسألونه. واستجاب، وأجاب بمعنى ﴿وَيَزِيدُهُم﴾ فوق مطلوبهم
﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأَرْضِ﴾ أي لو أغناهم: لاستكبروا وظلموا ﴿وَلَكِن يُنَزِّلُ﴾ الرزق ﴿بِقَدَرٍ﴾ بتقدير ﴿مَّا يَشَآءُ﴾ فيبسطه لأناس: يستحقون البسط، أو لا يستحقونه؛ جديرون بالإكرام، أو غير جديرين به. ويقبضه عن أناس: يستوجبون القبض، أو لا يستوجبونه؛ جديرون بالامتهان، أو غير جديرين به. وفي كلا الحالين: هو الحكيم العليم؛ الذي يعلم ما يصلح عباده، وما لا يصلحهم. جاء في الحديث القدسي: «إن من عبادي من إذا أغنيته لفسد حاله، ومنهم من إذا أفقرته لفسد حاله» ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ﴾ بما يصلحهم ﴿بَصِيرٌ﴾ بحاجاتهم؛ أكثر من إبصارهم لها
﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ المطر ﴿مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ﴾ أي من بعد يأسهم وقنوطهم من نزوله. وسمي المطر غيثاً: لأنه يغيث الناس من الفقر والجوع. ولذا سمي الكلأ غيثاً: لأنه يغيث الماشية ﴿وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ يبسط رزقه بالإنبات؛ الذي هو نتيجة للمطر ﴿وَهُوَ الْوَلِيُّ﴾
الذي ينصر أولياءه، ويواليهم ﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود على أي حال: في السراء والضراء، والنعماء والبأساء


الصفحة التالية
Icon