﴿يأَيُّهَا السَّاحِرُ﴾ وقيل: معنى الساحر عندهم: العالم؛ يؤيده قول فرعون ﴿ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ﴾ من كشف العذاب عنا؛ إن آمنا
﴿إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ ينقضون عهدهم، ويصرون على كفرهم
﴿أَمْ﴾ بل ﴿أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَذَا﴾ إشارة إلى موسى عليه السلام ﴿الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ ضعيف، حقير ﴿وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ﴾
لا يكاد يظهر الكلام: للثغة في لسانه؛ جعلته يستعين - فيما يقول - بأخيه هرون: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً﴾
﴿فَلَوْلاَ﴾ فهلا ﴿أُلْقِيَ عَلَيْهِ﴾ ألبس كما يلبس السادة والعظماء ﴿أَسْوِرَةٌ﴾ جمع سوار؛ وقد كان العظماء فيهم يلبسونها ﴿مُقْتَرِنِينَ﴾ متتابعين؛ يشهدون بصدقه
﴿فَاسْتَخَفَّ﴾ استجهل فرعون ﴿قَوْمَهُ﴾ أي استغل فرعون جهل قومه، وضعفهم؛ فقال لهم: ﴿أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾ ﴿فَأَطَاعُوهُ﴾ وعبدوه من دون الله تعالى ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ عاصين كافرين
﴿فَلَمَّآ آسَفُونَا﴾ أغضبونا
﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً﴾ أي أهلكناهم؛ فجعلناهم سابقين؛ بعد أن كانوا حاضرين جعلناهم ﴿مَثَلاً﴾ عظة ﴿لِّلآخِرِينَ﴾ لمن يأتي بعدهم
﴿وَلَمَّا ضُرِبَ﴾ عيسى ﴿ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً﴾ في قوله تعالى ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ﴾ ﴿إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ﴾ أي من هذا المثل ﴿يَصِدُّونَ﴾ يضجون. وقد قال المشركون وقتذاك: إنما يريد محمد أن نعبده؛ كما عبد النصارى عيسى
﴿وَقَالُواْ﴾ أيضاً أأصنامنا التي نعبدها ﴿خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾ يعنون عيسى عليه السلام. قال تعالى رداً عليهم ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ﴾ أي ما ضربوا لك هذا المثل ﴿إِلاَّ جَدَلاَ﴾ مجادلة؛ لا أثر للمنطق والتعقل فيها ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ شديدو الخصومة
﴿إِنْ هُوَ﴾ أي ما عيسى ﴿إِلاَّ عَبْدٌ﴾ من عبادنا ﴿أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ بالاصطفاء والنبوة ﴿وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً﴾
آية ﴿لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ يستدل بها على وجود الخالق تعالى وقدرته: لخلقه من غير أب، واستطاعته - بأمر ربه - أن يبرىء الأكمه والأبرص، وأن يحيي الموتى بإذنه تعالى
﴿وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ﴾ أي لجعلنا بعضكم ﴿مَّلاَئِكَةً﴾ لأني خالق النوعين، ومبدع الصنفين ﴿يَخْلُفُونَ﴾ أي يخلف بعضهم بعضاً فيما بينكم، أو يخلفونكم أنتم
﴿وَإِنَّهُ﴾ أي عيسى عليه السلام ﴿لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ﴾ أي دليل عليها؛ حين ينزل قبيل القيامة؛ كما ورد في الأحاديث. أو الإشارة إلى القرآن الكريم؛ وما فيه من صفات القيامة وأهوالها، وما يعقب ذلك من نعيم مقيم، وعذاب أليم ﴿فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾ من المرية؛ أي لا تشكون في وقوعها ﴿هَذَا﴾ الذي أدعوكم إليه ﴿صِرَاطٍ﴾ طريق
﴿وَلَمَّا جَآءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾ المعجزات الظاهرات ﴿قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ﴾ بالنبوة، والمعرفة، والشرائع
﴿فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ﴾ في شأنه. فمن قائل: إنهالله.
-[٦٠٧]- ومن قائل: إنه ابنه. ومن قائل: ثالث ثلاثة. ومنهم من قال: هو ابن زنا ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ كفروا