﴿وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأَمْرِ﴾ الشرائع التي تحل الحلال، وتحرم الحرام. أو هو أمر الرسول - صلوات الله تعالى وسلامه عليه - وعلائم بعثته، ودلائل نبوته ﴿فَمَا اخْتَلَفُواْ﴾ في أمر دينهم ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام ﴿بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾ حسداً منهم، وطلباً للرئاسة؛ فقتلوا أنبياءهم، وأنكروا شرائعهم، وحاربوا ربهم ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بِيْنَهُمْ﴾ يحكم ويفصل؛ فيعاقب العاصي، ويثيب الطائع
﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ﴾ يا محمد ﴿عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ﴾ الشريعة: المذهب والملة؛ وهي ما شرعه الله تعالى لعباده. أي جعلناك على منهاج واضح من الدين
﴿إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ﴾ لن يدفعوا ﴿عَنكَ مِنَ اللَّهِ﴾ من عذابه؛ إن أراد أن ينزله بخير خلقه وأقربهم منه
﴿هَذَا﴾ القرآن ﴿بَصَائِرُ لِلنَّاسِ﴾ البصائر: جمع بصيرة؛ وهو ما يبصر بالقلب. ولما كان القرآن وسيلة لإبصار الهدى والرشاد، وكان القلب محلاً للإبصار الحقيقي: سماه تعالى بصائر. كما سماه روحاً، وحياة، وشفاء
﴿اجْتَرَحُواْ﴾ اكتسبوا ﴿أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ لا؛ فإنهما يختلفان تمام الاختلاف: فالمؤمن يحيا مؤمناً ويموت مؤمناً، والكافر يحيا كافراً ويموت كافراً؛ فشتان بين الاثنين، وشتان بين المآلين
﴿بِمَا كَسَبَتْ﴾ عملت من خير أو شر
﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ أي أطاع هواه في كل ما أمره به؛ فكان في طاعته العمياء كالعابد له (انظر آية ١٧٦ من سورة الأعراف) ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ منه تعالى؛ بأنه من أهل الضلال قبل أن يخلق. أو أضله على علم من الضال بفساد ما يعبده من أصنام، وما يحيط به من أوهام ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ﴾ أصمه عن سماع الوعظ، وجعل قلبه لا يقبل الحق
-[٦١٤]- ﴿وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ غطاء؛ فلا يرى الحق ﴿فَمَن يَهْدِيهِ﴾ إذن ﴿مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ تتذكرون ذلك وتفقهونه