﴿أَفَعَيِينَا﴾ أفعجزنا. يقال: عيي بالأمر: إذا لم يهتد لوجه عمله ﴿بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ﴾ خلقتهم أول مرة ﴿بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ﴾ شك ﴿مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ وهو البعث
﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ أي نعلم خواطره وهواجسه. لأنه تعالى ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ هو مثل لشدة القرب. والوريدان: عرقان في باطن العنق: يموت الإنسان والحيوان بقطع أحدهما
﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ﴾ هما الملكان الملازمان لكل إنسان؛ لكتابة ما يصدر عنه من خير أو شر ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ أي قاعدان؛ أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله
﴿مَّا يَلْفِظُ﴾ ما ينطق ﴿رَقِيبٌ﴾ مراقب لأقواله وأفعاله ﴿عَتِيدٌ﴾ حاضر
﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ﴾ أي شدته وغمرته؛ وهي الغرغرة ﴿بِالْحَقِّ﴾ أي جاءت بسعادة الميت أو شقاوته. فقد ورد أنه في هذه الحال يرى مقعده من الجنة، أو من النار. أو ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ أي جاءت بأمر الله تعالى، وسلطانه، وقهره، وجبروته ﴿ذَلِكَ﴾ الموت ﴿مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ تهرب من ملاقاته؛ لشعور عقلك الباطن بما أعد لك من عقاب
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ القرن؛ وهي نفخة البعث ﴿ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ﴾ للكفار بالعذاب
﴿وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ مؤمنة أو كافرة ﴿مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ هما ملكان: أحدهما يسوقه إلى المحشر، والآخر يشهد عليه بما فعل. ويقال للكافر وقتذاك
﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ﴾ في الدنيا ﴿مِّنْ هَذَا﴾ العذاب النازل بك اليوم ﴿فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ﴾ أزلنا غفلتك، وأريناك عياناً ما كنت تنكره وتكذب به ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ من الحدة؛ أي قوي: تشاهد به اليوم ما خفي عليك بالأمس؛ من البعث والحساب
﴿وَقَالَ قَرِينُهُ﴾ أي شيطانه المقارن له في الدنيا. أو المراد بقرينه: الملك الذي يسوقه إلى المحشر ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ أي هذا الذي عندي حاضر ومهيأ للنار
﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ﴾
يقول ذلك رب العزة؛ مخاطباً السائق والشهيد
﴿مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ﴾ ظالم، شاك في الله وفي دينه
﴿قَالَ قرِينُهُ﴾ الشيطان المقارن له في الدنيا؛ يقول متبرئاً من إضلاله وإغوائه ﴿رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ﴾ بنفسي ﴿وَلَكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾ وذلك كقوله تعالى: «إن كيد الشيطان كان ضعيفاً»


الصفحة التالية
Icon