﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ لا يستطيع إنسان - بالغاً ما بلغ من الكفر والعناد - أن يرى في تصوير الآدمي نقصاً أو اعوجاجاً؛ وإن الإنسان لو تأمل في يده - مثلاً - ورأى أنها كيف تنقسم إلى خمسة أصابع، وكيف أن كل أصبع من هذه الأصابع ينقسم إلى عدة مفاصل: لما وسعه إلا أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين وأين اليد وحسنها؛ من الوجه ودقة تصويره، وبديع تنسيقه؟ حقاً إن دقة هذا الصنع، وإحكام هذا الوضع؛ ليشهدان لمبدعهما بالقدرة والوحدانية والربوبية.
فنعم الخالق، ونعم المصور ﴿وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ المرجع؛ فيثيب الطائع، ويعذب العاصي
﴿وَاللَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بما في القلوب
﴿فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ الوبال: الهلاك. أي ذاقوا الهلاك؛ الذي هو عاقبة بغيهم، وعقوبة كفرهم
﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات الواضحات، والآيات الظاهرات ﴿فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ يا للعجب؛ ينكرون رسالة البشر، ويؤمنون بربوبية الحجر ﴿فَكَفَرُواْ﴾ بالمعجزات والآيات ﴿وَتَوَلَّواْ﴾ انصرفوا عن الإيمان ﴿وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾ عنهم وعن إيمانهم ﴿وَاللَّهُ غَنِيٌّ﴾ عن سائر المخلوقات ﴿حَمِيدٌ﴾ محمود في كل أفعاله
﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ﴾ يعادوا للحساب والجزاء يوم القيامة أي تجزون عليه: إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر
﴿وَالنّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا﴾ هو القرآن الكريم؛ وهذا الاسم من أجلِّ أسمائه؛ إذ أن النور: يستضاء به في الظلمات، والقرآن الكريم: ينير القلوب، ويمحو الشبهات، ويهدي إلى الجنات
﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ أي يوم غبن الكافر، وضعفه، وخسارته، وحسرته. أو هو يوم التناسي: أي نسيان الكافر من الرحمة والنعمة. والتغابن
-[٦٩١]- يطلق على التناسي، والخسران، والضعف. وأصل الغبن: النقص في الثمن، أو رداءة المبيع في البيع. ولما كان الكافر لا يجزى عن أعماله الصالحة التي عملها في الدنيا ﴿وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً﴾ كان مثله كمثل المغبون ﴿يُكَفِّرْ﴾ يمح