وأما قراءة الجماعة (إِنّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ): فذهب قوم إلى أنّ (إنّ) بمنزلة (نعم)، وأنشدوا:
وَلَا أُقِيمُ بِدارِ الهُونِ إِنَّ وَلَا | آتِي إِلى الغدرِ أَخشَى دونَه الحمجا |
بَكَرَ العَواذِلُ في الصبُو | حِ يَلُمْنَني وأَلوْمُهُنَّهْ |
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلا | كَ وَقَدْ كبِرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ |
أحدهما: أنها إذا كانت بمعنى (نعم) ارتفع ما بعدها بالابتداء والخبر، وقد تقدم أنّ (اللام) لا تدخل على خبر مبتدأ جاء على أصله.
والثاني: أنّ أبا علي الفارسي قال: ما قبل (إنّ) لا يقتضي أن يكون جوابه (نعم)؛ لأنَّك إن جعلته جوابا لقوله (تَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) - قالوا: نعم هذا لساحران كان محالًا أيضاً.
وقيل: الهاء مضمرة بعد (إنّ)، وفيه أيضا نظر من أجل دخول اللام في الخبر ولأنَّ إضمار الهاء بعد (إنَّ) المشددة إنما يأتي في ضرورة الشعر، نحو قوله:
إنّ مَن يدخُل الكنيسةَ يوماً | يلق فيها جَآذرًا وظباءَ |