٣ - أن ذلك يفضي إلى أن يتعبد بالشيء المجهول، وأجابوا عن هذا بأن التعبد بالشيء المجهول غير ممتنع كما تعبدنا بالإيمان بالملائكة وبالرسل وإن لم نعرف جميعهم وتعبدنا بالإيمان بالكتب وإن لم نعرف ما فيها.
٤ - ولأن الله لم ينزل في كتابه شيئًا إلا وقد جعل للعلماء طريقًا إلى معرفته (١)، وأجابوا عن هذا: بأن الله تعالى أنزل أشياء وليس إلى معرفتها سبيل كمعرفة كنه صفاته سبحانه وكيفيات أفعاله وغير ذلك وهذا الأخير بمعنى الدليل الأول (٢).
ومن الأدلة التي ذكرت لهذا القول قوله تعالى: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩] قالوا على قولكم ليس في القرآن بيان المشكل. وهذه الآية يجاب عنها بالجواب المشهور وأنها لا تقتضي جميع الأشياء كما قال تعالى: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣] ولم تؤتَ مثل ذكر الذكر ولحيته ولا ما أوتي سليمان في ملكه، وهذا معروف في لغة العرب فلا يطول بتفصيله (٣).
_________
(١) غاية الاختصار في قراءة العشرة أئمة الأمصار (٥٢٢).
(٢) ينظر: النشر (١/ ٢٣٨ - ٢٤٣) وإتحاف فضلاء البشر للدمياطي (٦١ - ٦٣).
(٣) ينظر العدة (٢/ ٦٩٢) وأصول الفقه لأبي الوفاء ابن عقيل (٤/ ١٨).


الصفحة التالية
Icon