ولما كان الكلام على دَعْوى انفصال الأرض عما في السماء وتقرير صاحب كتاب توحيد الخالق وغيره ما يقوله الملاحدة في ذلك وتلمّسهم ما يدل على ذلك من القرآن بزعمهم مثل قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) وقوله تعالى: (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا).
يبحث صاحب كتاب توحيد الخالق عن آيات يغصبها لتجاري علوم الملاحدة ويزعم أن ذلك من إعجاز القرآن وأنه يُوجب الإيمان.
ولقد تكلم هو وكثيرون غيره في بَدْء الخلق وفي وصف الأرض وما فوقها بكلام هو من أخطر الكلام وأضره على عقيدة المسلم.
والآيات المذكورة لا تدل على ما ذهبوا إليه فإن كلام السلف فيها مخالف من كل وجه لكلام هؤلاء فآية سورة الأنبياء كلام السلف فيها ابن عباس وعطية العوفي وأبو صالح ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ويحيى وابن كثير كلامهم في الآية أن السموات والأرض متصل بعضها ببعض ففتق هذه من هذه فجعل السموات سبعاً والأرض سبعاً وفصل بين السماء الدنيا والأرض بالهواء، ومعنى (رتقاً) أن السماء لا تمطر والأرض لا تُنبت ففتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات، وأن السماء


الصفحة التالية
Icon