والمراد أن أرباب الكنائس أنكروا على المعطلة ما افْتَروْه وحصل بين الطائفتين شرٌّ عظيم.
وكان مما أغرى المعطلة بما عندهم إنكار الكنيسة لِكروية الأرض واستدلالهم على هذا الإنكار بما ليس بدليل، والمعطلة لا يشكّون في ذلك فقد ظهر لهم بجلاء فرَأوا أن الكنيسة تكابرهم مكابرة فرفضوا كل ما يأتي به أربابها.
كذلك زعم المعطلة أن الأرض ليست هي مركز الكون وليست ثابتة بل تدور حول نفسها وحول الشمس مما زاد غيظ أرباب الكنائس عليهم لأنهم يجدون في كتبهم أن الأرض مركز الكون وأنها ثابتة وعرفوا أن هؤلاء المعطلة لا يقرون بالخالق.
والكنيسة أخطأتْ في أمور أغرت المعطلة وزادت في تباعدهم عن تعاليمها والمعطلة فرحوا بما عندهم من معرفة أن الأرض على شكل الكرة وأغراهم الشيطان أن طريقهم في العلم والمعرفة هو الصواب الذي لا ينبغي الالتفات إلى غيره، فأحسنوا الظن بنفوسهم وعلومهم لبعض حق أصابوه في المخلوقات وأساءوا الظن بأرباب الكنائس لمكابرتهم إياهم على ما لا تصلح المكابرة فيه، واستمر كل على ما هو عليه، طرفان متباعدان لا يلتقيان.


الصفحة التالية
Icon