أخطأت الكنيسة بإنكار كروية الأرض، وسبب الخطأ فُهُومُهُمْ الفاسدة، أما ما بقي في كتبهم من حق مَوْروث عن أنبيائهم فقطعاً ليس فيه ما يعتمدون عليه لِبَرْهَنَة هذا الإنكار.
وقد وقع في هذا الخطأ من فَهِمَ بعض آيات القرآن على غير ما أراد الرب سبحانه حيث ظنوا أن قوله تعالى: (وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) أن هذا يُنافي كونها على شكل الكرة، وهذا معلوم أنه غلط إذْ لا منافاة ولله الحمد ولا تعارض، والذي يُدْرَك على حقيقته بالعقل الصريح محال أن يُعارضه النقل الصحيح، وإنما يأتي الخلل إما من المنقول بأن يكون غير صحيح أو صحيح ولكن الفهم لمعناه والمراد منه فاسد.
أو يكون ما يُدّعى أنه عقلي صريح ليس كذلك بل خطأ وغلط، ومن هنا تأتي المصائب، ومن هنا يكون النزاع بين الطوائف المختلفة مع أسباب أخرى أيضاً.
نحن نبصر الأرض بأبصارنا المحدودة على هيئة السطح المستوي، والسِّرّ في ذلك عظم جرمها، ولو كانت أبصارنا أقوى مما هي عليه لبان لنا خطأ ما تَوَهّمناه من التعارض.
والجسم الكروي كلما كبرُ كلما ضعف تمييز انحناءاته بالبصر، والذي يرتفع فوق مكان عال من الأرض كالجبال الرفيعة يرى ما لا يراه من على وجه الأرض.