وليس المراد هنا بيان شكل الأرض فقد أصبح معلوماً يقيناً، وطرق معرفته مُتَعدّدة معروفة.
إنما المراد أن أرباب الكنائس كابروا أولئك مما زادهم إغراءً بما عندهم وتمادياً في تعطيلهم.
ولقد أصاب أهل الكنائس في إنكارهم على المعطلة جحد الخالق وكون الأرض تدور لأنها منفصلة من مادة أزلية لا بداية لها وعلموا أن ذلك معارض للحق الذي بقي في كتبهم على حاله، وأن معنى كلام المعطلة أن الأرض ليست مركز للكون وأسفله، فمكابرة المعطلة في جحد الخالق وزعمهم دوران الأرض لأجل انفصالها عن مادة أزلية أعظم بما لا نسبة له من غلط أرباب الكنائس، والكفر بعضه أشد من بعض.
قال تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) وأهون أهل النار عذاباً أبو طالب (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) والنار دركات بعضها أشدّ من بعض.
هذه إشارة يُسْتخلص منها ويتبيّن أن شراسة وغيْظ المشغوفين بهذه العلوم الحديثة على أرباب الكنائس إنما باعثها الهوى الذي يُعْمي صاحبه عن العدل الذي قامت به السموات والأرض، إن الذي ينظر في كتب كثير من المقلِّدة الأتباع لأرباب العلوم الحديثة يرى الدفاع المستميت عن المعطلة والسبب كلال عين الرضا عن رؤية العيب.