والعرش ثابت والرب مستو على عرش ثابت تحمله الملائكة وهو سقف العالَم كله والجنة تحته بطلت خيالاتكم.
وإن قلتم: نقول: السموات والعرش والجنة والرب فوق ولا نفصل قيل لكم: هذا مُفصّل بالكتاب والسنة ومبيّن ومُوَضح وكأن المؤمن يراه بعينه بل درجة الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه) كما في الحديث الصحيح (١)، فهل نَدَعُ ما جاء به نبينا لِما جاءت به المعطلة؟.
ليعلم من ضلّ عن ربه أن القلب له وِجّهة يتوجه إليها وقبلة يستقبلها هو مفطور على ذلك، والشريعة تفصل ذلك، فوِجْهة القلب وقبلته جهة العلو إلى ربه معبوده كما أن قبلة بدنه في الصلاة بيته سبحانه، ولذلك فالعلو والسفول ثابت في الكون بخلاف نظريات الملاحدة المضلّة فلا ثبات فيها للعلو ولا للسفول وإنما حركات الدوران مستمرة وبسرعة هائلة ومن هنا يأتي الضلال عن ذي الجلال.
وما أسرع ما يقع من صَدّق هذه النظريات في مذهب وحدة الوجود بحيث يكون الرب عنده هو المخلوقات نفسها، فهذا الحلول العام أو يقع في الحلول الخاص بأن يحلّ الرب في بعض الأعيان.
لأن القلب مفطور على محبة خالقه وطلبه وإرادته فإذا جال في الفضاء الذي لا حَدّ له لم يَرَ إلا ملايين من المجرات متناثرة في فضاء لا ينتهي وكواكب دائرة بسرعة هائلة فأين الله؟ كيف والكون لا يزال
_________
(١) رواه البخاري (١/ ٢٧) ومسلم (١/ ٣٧) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث جبريل المشهور.