فإذا عرفنا أن النجوم لا تزال في مجال السماء الدنيا أي السماء القريبة من الأرض، وإذا عرفنا أيضاً أن علم الإنسان لا يزال محصوراً في نطاق النجوم التي هي زينة السماء الدنيا، وأن المحاولات مستمرة في اكتشاف نجوم جديدة مهما كبَّر الإنسان أجهزة الرصد لديه -مع العلم أن بيننا وبين بعض هذه النجوم مسافة لا يقطعها الضوء إلا في ستة بلايين سنة ضوئية، والضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلثمائة ألف كيلو متر- فإذا عرفنا هذا وتأملنا القرآن الكريم وجدناه يخبر -قبل أربعة عشر قرناً- بأن الإنسان سيحاول النفوذ والخروج من أقطار السموات والأرض، كما حاول الجن من قبلهم ولم يستطيعوا تجاوز المنطقة الحرام التي يسترقون فيها السمع من الملأ الأعلى، وأشار القرآن إلى أن المحاولة لن تكون إلا عندما يكون لدى الإنسان سبب يمكنه من النفاذ ووسيلة بها يصعد في السماء وليس ذلك السبب أو الوسيلة إلا نعمة من نعم الله. قال تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ) انتهى (١).
ثم ذكر صاحب توحيد الخالق كلاماً بعد أن ذكر قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ذكر فيه أن القرآن أخبر أن المحاولة ستكون فِعْلاً، يعني محاولة ما سماه (غزو الفضاء) وذكر أن القرآن أول من
_________
(١) توحيد الخالق، ص٣٧٤.


الصفحة التالية
Icon