في هذا طائل فتفسير الماء بعد الجهد بالماء تكلف من فارغ، كيف وقد ضلوا بالمخلوقات عن خالقها، والذي ينبغي التنبّه له بما أن الفتنة حاصلة بشكل لم يسبق له مثيل أن التدقيق في علم الكونيات على تقدير الإصابة في ذلك ليس مما جاءت به الرسل عليهم السلام، لأن أهْوَن أضراره أنه شاغل عن المطلوب، ولذلك لا نجد من أئمة الإسلام من كان همّه وشغله وعلمه بالسفليات كحال علوم الكفَرة الذين يُفنون أعمارهم في ذلك، وفي الآخر يأتون بالضلالات وأحسن أحوالهم تفسير الماء بعد الجهد بالماء، ثم لا يسلم المتابع لعلوم هؤلاء وكشوفهم من الزيغ والضلال لأنهم من أول خطوة ينكرون الخالق سبحانه، وأيّ خير يرجى من هؤلاء.
والمراد النظر بما تقدم من كلام صاحب كتاب توحيد الخالق على علوم الملاحدة وكشوفهم واستشهاده بالقرآن وبيان الضلال في ذلك، وهنا لما تمخّض الجمل فَوَلَدَ فأراً، يعني لما كشف هؤلاء شكل الأرض حيث خلقها الله كذلك جاء صاحب كتاب توحيد الخالق يقول: أثبت العلم أنها كروية، وقبله قطب صاحب الضلال زعم أن الكروية اكتشفت حديثاً، وقد تقدم أن ذلك معروف عن السلف.
ثم إن هنا شيء لا بد من فهمه وهو أن إثبات الملاحدة لكروية الأرض إنما هو بناء على أصولهم الفاسدة التي تبدأ من السديم، ولذلك فَكَرَوِيّتها عندهم إنما حصلت نتيجة الدوران ملايين السنين وقد كانت


الصفحة التالية
Icon