المبدع بما تُظهر من ضخامة النجوم وسعة السماء وقوة النظام وبديع الإحكام والإتقان).
أقول: هنا تُسكب العبرات، أما الأولون فكانوا يرون السماء ونجومها وشمسها وقمرها وعجائب صُنْعها كما قال الله في كتابه: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) ونحو ذلك من الآيات ينظرون بعيونهم بلا واسطة ولا دلالة كفار فيزدادون بذلك إيماناً ويقيناً، وما دعا الله عباده للنظر إلى السماء كيف خلقت إلا أن ذلك مُدْرك بحاسة البصر وقال عز وجل: (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) إلا وأن ذلك مُدْرك بسهولة بحيث لو كان في السماء فطوراً التي هي الشقوق لأدركها البصر ولكن لا فطور فيها التي هي الفروج، ثم إنه سبحانه أثنى على عباده الصالحين الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض، ومعلوم أن الذين في الذروة من هذا الثناء هم الصحابة ومعلومة كيفية نظرهم وتفكّرهم، كذلك من جاء بعدهم سائراً على نهجهم علموا أن الله يخاطبهم بما يعرفونه ويقدرون عليه، وهو الطريقة السهلة البسيطة كما وصفها بذلك صاحب كتاب توحيد الخالق، ولذلك كتبوا نتائج نظرهم وعلمهم ودَوّنوها فجاءت مطابقة للمعلوم بخلاف من ضلّوا في متاهات بعيدة.