أنظر إن أردت ما كتبه ابن القيم عن السماء وعجائبها في كتابه النفيس (مفتاح دار السعادة) فقد جاء بعلم يعجز عن أقل القليل منه أرباب هذه العلوم والكشوف حتى ذكر أن كون لون السماء بهذه الصِّفة لئلا تنكأ الأبصار حيث التطلع إليها دائماً وأخبر أن الأطباء ينصحون من في بصره ضعف أن يديم النظر إلى الخضرة وما يقاربها ليتقوى نظره وأن هذا اللون اختاره الله بحكمته لطفاً بعباده لئلا تتضرر أبصارهم.
وما الذي دَلّ عليه العلم الحديث في شأن السماء وما فيها؟ لقد دَلّ وهدى إلى ضلال لا نظير له وذلك لفساد أصوله فقد اعتمد القوم على ما يُحسّونه ويشاهدونه وما عدا ذلك فلا يدخل حسابهم، مع أن صاحب كتاب توحيد الخالق أنكر طريقتهم هذه لا سيما في إنكار وجود الإله سبحانه وجاء بكلام جيّد لكنه مُعَظّم لهم في كلامهم بالكونيات من الجماد والحيوان في العالَم العلوي والسفلي، ولقد بَهَرَتْه وبهرت كثيرين مثله علومهم المادِّية الزائفة.
والمراد هنا الكلام على ما كشفه العلم الحديث من السماء ونجومها وسعتها وقوّة نظامها كما أعجب ذلك صاحب كتاب توحيد الخالق، ولكن قبل ذلك لا بد من الكلام على الخطوة الأولى في مسير النظر


الصفحة التالية
Icon