والتفكر بالفارق الكبير بين السلف ومن تبعهم على نهجهم وبين المتبعين لأرباب العلم الحديث.
معلوم أن الرب سبحانه خاطب الأمة لينظروا في هذا الملكوت العظيم ليزدادوا إيماناً ويقيناً لكن لم يأمرهم بذلك ويثني عليهم ليكْتشفوا ويسْتظهروا خفايا مَخْبوئة وغيبيات لا تتجلى إلا بكشفهم وتحكيم عقولهم وبذلهم جهدهم بل ندَبهم لينظروا في ملكوت هو سبحانه وَصَفَهُ لهم بصفاته الحقيقية من سعة السماء وارتفاعها وبنائها وشمسها وقمرها واختلاف ليلها ونهارها لينظروا بضابط علم خالق هذا المُلْك العظيم الذي يقول: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) فقد بين الله صفات السماء بناءها وأبوابها وارتفاعها واتساعها وما فيها من آيات فهم ينظرون بإيمان مُسَبّق وعلم مُسَبّق بخلاف أرباب العلوم الحديثة والكشوف فإنهم أصَّلوا نظريات للكون وما فيه كقواعد يسيرون عليها أمْلَتْها عليهم عقولهم الكافرة الضالّة حيث نظروا إلى الكون على أنه لا خالق له وإنما نشأ وتحرك مُتَحَرِّكه وسكن ساكنه من ذاته ونفسه، فلا خالق ولا مُصَرّف مُدَبِّر، هذا أصل علومهم التجريبية.
ولا عجب منهم ولا أسى عليهم إن استمرءوا الضلال واستطابوه وأُعجبوا به ودعوا إليه وأفْنوا أعمارهم في سبيله إنما العجب من المقَلِّدة الذين يزعمون أنهم ينصرون الدين ويبيّنون إعجاز القرآن بسيرهم خلف


الصفحة التالية
Icon