ثم قال: وهذه الأصول هي أصول دينهم العقلية التي بها يعارضون الكتاب والسنة والمعقولات الصريحة، وهي في الحقيقة لا عقل ولا سمع كما حكى الله عن من قالوا: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ).
ثم قال قدس الله روحه في الرد عليهم وهو رَدّ على أهل الذرة في هذا الزمان، قال: والخلق يشهدون إحداث الله لِما يُحدثه وإفناءه لِما يُفنيه، كالمني الذي استحال وفني وتلاشى وأحدث منه هذا الإنسان، وكالحبة التي فنيت واستحالت وأحدث منها الزرع، وكالهواء الذي استحال وفني وحدث منه النار أو الماء، وكالنار التي استحالت وحدث منها الدخان، فهو سبحانه دائماً يُحدث ما يُحدثه ويكوّنه ويُفني ما يُفنيه ويُعدمه.
والإنسان إذا مات وصار تراباً فني وعدم، وكذلك سائر ما على الأرض كما قال: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ثم يعيده من التراب كما خلقه ابتداء من التراب، ويخلقه خلقاً جديداً.
ثم ذكر أن من ظن أن جَوَاهره (ذراته) لم يخلقها إذْ خَلَقَه بل جَوَاهر المني وجَوَاهر ما يأكله ويشربه باقية بعينها فيه لم يخلقها أو أن مادته التي تقوم بها صورته لم يخلقها إذْ خَلَقَه بل هي باقية أزلية أبدية لم يكن قد عرف أنه مخلوق محدث. (هذا بعينه هو مذهب أهل الذرة).