الإمالة ليست بلغة الأنباط، كيف وعمر رضي اللَّه عنه لما سمع الضحاك بن قيس يقرأ حرفًا على غير لغة قريش فقال: من أقرأك؟ فقال: عبد اللَّه بن مسعود فأنفذ إليه كتابًا إذا أتاك كتابي فاقرأ الناس بلغة قريش، فإن اللَّه خص به هذا الحي، ولقد سمع أعرابي أحدًا في عهد عمر رضي اللَّه عنه يقرأ: (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) بالخفض فقال: أنا بريء ممن برأ اللَّه منه فأتى به عمر فقيل له ارتددت فقال: لا ولكن قال شيئا قال: وما قال؟ فقال له الأعرابي: سمعته يقرأ (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [وَرَسُولِهِ]) فاللَّه يبرأ من المشركين فكيف يبرأ من رسوله فقال: إنما هو ورسوله بريئان يا أعرابي فقال: صدق اللَّه ورسوله.
وهذه الحروف وأشباهها مشهورة فكيف الإمالة مع طولها لو كانت محدثة لأنكرها الصحابة والتابعون إلى يومنا هذا ولم نقصد ذكر أحدٍ ممن رد الإمالة لئلا يقال أخذنا في الطعن على المتقدمين ولم نطل في الاحتجاج مع كثرته لما شرطنا في الكتاب أن المقصود بيان الرواية.
آخر الجزء الخامس ويتلوه في السادس قوله:
ونبهنا بهذا القدر ليعلم أن قول ذلك القائل باطل وزور وحسبنا اللَّه وحده.
* * *


الصفحة التالية
Icon