فصل في ذكر قراء أهل مكة


ثم أَذكُر بعد هذا أهل مكة فمنهم مجاهد صاحب ابن عباس وابن عمر رضي اللَّه عنهما إمام النحو، واللغة، والفقه، والتفسير شيخ مكة، ولا نبلغ فضائله لكثرتها.
ومنهم الإمام النحوي المقدم في زمانه المتقدم على أقرانه أبو معبد، وقيل: أبو بكر، وقيل: أبو عبادة، وقيل: أبو محمد عبد الله بْن كَثِيرٍ الداري العطار مولى عمرو بن علقمة الكناني، ومن فضائله أنه كان فقيهًا عالمًا مقرئًا فاختار القرآن، والتبتل والانقطاع إليه حتى كان يخرج إلى حر الرمضة فيقلب وجهه وحدبه فيها ثم يقول: يا ليتني خرجت من هذا الأمر كفافًا لا لي ولا عليَّ، وكان يؤم أهل مكة في مسجد الحرام أربعين سنة، ويطيل البكاء والتضرع والشكوى إلى اللَّه تعالى، قال مجاهد: لم أر فيمن قرأ علي كابن كثير وقدمه في زمانه وجعله خليفته، وكان يقص على الناس وهو الذي سن السبق، وقال: لا أخذ على أحد من أبناء الدنيا قبل الفقراء إلا لسبقه، وكان من أبناء فارس، قيل: من أصبهان الذي بعثهم كسرى أنوشروان مع سيف ذي يزن إلى اليمن


الصفحة التالية
Icon