هل فكّرتُم كيف ترونَ بهذه العَينِ الصغيرةِ الأشياءَ بِحَجمِها الحقيقيِّ؟ فإنّ أعظمَ آلةٍ للتصويرِ تعطيكَ صورةً لا تزيدُ على مساحةِ الكفّ! كيف ترى الجبلَ جبلاً، والبحرَ بحراً، والشّمسَ شمساً؟ كيف ترى الأشياءَ بحجمِها الحقيقيِّ؟ هذا السؤالُ لا يستطيعُ أيُّ عالِمٍ أن يُجيبَ عنه حتى الآنَ.
شيءٌ آخرُ؛ لو أنّنا درَّجْنا اللّوْنَ الأخضرَ مثلاً، أو أيَّ لونٍ آخرَ إلى ثمانمئةِ ألفِ درجةٍ، فإنّ العينَ السليمةَ تستطيعُ أن تفرّقَ بين درجَتَين من هذه الدرجاتِ التي تزيدُ على ثمانمئةِ ألفٍ، قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ﴾.
شيءٌ آخرُ، كيف أنّ هذه العينَ تستطيعُ أنْ ترى البُعْدَ الثالثَ؟ وهو العمقُ، وترى الطولَ، والعرضَ، والعمقَ، لو جعلَ اللهُ لنا عيناً واحدةً لرَأَيْنا بها الأشياءَ مسطّحةً، لا مجسَّمةً بأبعادِها الثلاثةِ، لذلك فالمسافاتُ التي أمامنا لا ندركها إلا بالعينين معاً، أمّا المسافاتُ التي تعترضُ العينَ فتُدرَكُ بعينٍ واحدةٍ.
شيٌ رابعٌ، كيف أنّ هذه الصورةَ إذا وقعَتْ على الشبكيّةِ تنطبعُ عليها، وتنتقلُ إلى الدّماغِ في أقلَّ من جزءٍ من خمسينَ جزءاً من الثانيةِ، ففي كلّ ثانيةٍ واحدةٍ تستطيعُ العينُ نقْلَ خمسينَ صورةً إلى الدّماغِ، الذي يُدركُ المُرادَ منها، فمتى يتمُّ التحميضُ وإظهارُ الصورةِ؟
شيءٌ آخر، وهو أنّ العينَ السليمةَ تستطيعُ أنْ ترى خطَّين بينهما واحدٌ على عشرينَ ميليمتراً، وفي العينِ أشياءُ وأشياءُ لا يحتملُ هذا المقالُ استيفاءَها، فمثلاً في الشبكيّةِ التي لا تزيدُ مساحتُها على ميليمتراتٍ، مئةٌ وثلاثون مليونَ عصيّةٍ من أجلِ الأبيضِ والأسودِ، وسبعةُ ملايين مخروطٍ من أجلِ الألوانِ والتفاصيلِ، قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد: ٨-٩].