إنّنا على وعدٍ مِن اللهِ عز وجل، بأنْ يُرِيَنَا آياتِه، فيتحقَّقُ لنا بهذه الرؤيةِ العلمُ الدقيقُ بمعاني هذه الآياتِ، كما قال تعالى:
﴿وَقُلِ الحمد للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ [النمل: ٩٣].
وممّا سبَقَ يتبيّنُ لنا أن البشريةَ على موعدٍ من اللهِ، متجدّدٍ ومستمِرٍّ، بكشفِ آياتِه في الكونِ، وفي كتابِه، أمامَ الأبصارِ، لتقومَ الحجّةُ والبرهانُ، وتظهرَ المعجزةُ للعيانِ.
والفرقُ بين التفسيرِ العلميِّ والإعجازِ العلميِّ، هو أنّ التفسيرَ العلميَّ كشفٌ عن معانِي الآيةِ أو الحديثِ، في ضوءِ ما ترجَّحَتْ صحّتُه مِن حقائقِ العلومِ الكونيةِ.
أما الإعجازُ العلميُّ فهو إخبارُ القرآنِ الكريمِ، أو السنّةِ النبويةِ بحقيقةٍ أثبتَها العلمُ التجريبيُّ أخيراً، وثبتَ عدمُ إمكانيةِ إدراكِها بالوسائلِ البشريةِ، في زمنِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.
قواعدُ وأسسُ أبحاثِ الإعجازَ العلميِّ:
١- علمُ اللهِ، هو العلمُ الشاملُ المحيطُ الذي لا يعترِيه خطأٌ، ولا يشوبُه نَقصٌ، وعلمٌ الإنسانِ محدودٌ، وقابلٌ للازديادِ، ومُعَرَّضُ للخطإِ.
٢- هناك نصوصٌ من الوحيِ قطعيةُ الدَّلالةِ، كما أنّ هناك حقائقَ علميةً كونيةً قطعيةً.
٣- في الوحيِ نصوصٌ ظنيةٌ في دَلالتِها، وفي العلمِ نظرياتٌ ظنّيةٌ في ثبوتِها.
٤- لا يمكنُ أنْ يقعَ صِدامٌ بين قَطعِيٍّ مِن الوحي وقطعيٍّ مِن العلمِ التجريبيِّ، فإنْ وَقَعَ في الظاهرِ فلا بد أن هناك خلَلاً في اعتبار قطعيةِ أحدِهما، وهذه قاعدةٌ جليلةٌ قرَّرَها علماءُ المسلمين، وقد أَلَّفَ غيرُ واحدٍ مِنَ العلماءِ كُتباً تؤكِّدُ حتميةَ توافُقِ العقلِ مَع النقلِ.
عندما يُرِي اللهُ عبادَه آيةً من آياتِه في الآفاقِ أو في الأنفس مُصَدِّقَةً لآيةٍ في كتابِه، أو حديثٍ مِن أحاديثِ رسولِه ﷺ يتّضحُ المعنى، ويكتملُ التوافقُ، ويستقرُّ التفسيرُ، وتُحدَّدُ دَلالاتُ ألفاظِ النصوصِ بمَا كُشِفَ من حقائقَ علميةٍ، وهذا هو الإعجازُ.


الصفحة التالية
Icon