ربما كان تركيزُ الآياتِ على الجانبِ الروحيِّ من الإنسانِ؛ لأنه هُيَّىء - إذَا عرفَ ربَّه، وسارَ على منهجِه، وتقرّبَ إليهِ بالعملِ الصالحِ - لأن يبلغَ من الرفعةِ ما يفوقُ الملائكةَ المتقرَّبين، ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ أمّا إذا أعرضَ عن ربِّه سبحانه، وتفَلَّتَ من منهجِه، وأساءَ إلى خَلْقِه فإنه يهوي إلى دركاتٍ لا يصلُ إليها مخلوقٌ قطُّ، ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ حيث تصبحُ البهائمُ أَرْفَعَ منه، وأقومَ، لاستقامتِها على فطرتِها، وتسبيحِها لربِّها، وحُسْنِ أدائِها لوظيفتِها.
التوازن بين الذكور والإناث
في أعقابِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ أصبحتْ نِسبةُ النساءِ إلى الرجالِ أربعاً إلى واحدٍ، أي كلُّ أربع نساءٍ في مقابلِ رجلٍ واحدٍ، وما هي إلا أعوامٌ قليلةٌ حتى عادتِ النسبةُ إلى تلكَ التي وضَعَها اللهُ عزوجل، مئةٌ وخمسة بالمئةِ ذكورٌ، وخمسةٌ وتسعون بالمئةِ إناثٌ، هذه النسبةُ ثابتةٌ في كل البلادِ، وفي كلِّ الأمصارِ، وفي كلِّ القاراتِ، وفي كلِّ الأزمانِ، أما الشيءُ الذي يلفتُ النظرَ فهو أنّه على الرغمِ من أنّ لكلِّ زوجين عدداً مختلفاً من الذكورِ والإناثِ، فلهذا الرجلِ مثلاً ثمانِي بناتٍ، وللآخرِ أربعُ بناتٍ، وأربعةُ ذكورٍ، وهذا رجلٌ عقيمٌ، هذه النسبُ المتفاوتةُ، في أيِّ بلدةٍ، في أيِّ مصرٍ، وفي أي عصرٍ، في أيِّ مكانٍ، وفي أيِّ زمانٍ، ترجعُ في النهايةِ إلى نسبٍ نظاميةٍ يعرفُها علماءُ الجغرافية البشريةِ، وزارةُ الماليةِ مثلاً ماذا تفعلُ من أجلِ أنْ يكونَ الإنفاقُ وَفق المقرَّرِ؟ كلُّ قرارِ نفقةٍ يجب أنْ يذهبَ إلى الشطبِ، فإذا انتهى الاعتمادُ يتوقفون عن الصرفِ، إذاً لا بد مِن سجلٍّ، والأمرُ كذلك هنا، هذا عنده سبعةُ ذكورٍ، وذاك عنده سبعُ إناثٍ، وعند الله عزوجل سجلٌّ دقيقٌ، حيث إنه في النهايةِ يكونُ المجموعُ وَفقَ النسبةِ المقرَّرةِ مِن قِبَلِ الله عز وجل.