ثم إنّ في الصيامِ - كما يقرِّرُ الأطباءُ - صحةً نفسيةً، وإنّ في الصيامِ رفعاً لمستوى النّفْسِ، وتعويداً لها على الحريةِ مِن كل قيدٍ، وكلِّ رفعاً لمستوى النّفْسِ، وتعويداً لها على الحريةِ مِن كل قيدٍ، وكلِّ عادةٍ، وأفضلُ عادةٍ ألاَّ يتعودَ الإنسانُ أيَّ عادةٍ، هذا الذي يُدمنُ التدخينَ، كيف استطاعَ أنْ يقلعَ عنه في رمضانَ، إذاً في الإمكانِ أنْ يقلعَ عنه، وأكبرُ شاهدٍ على ذلك شهرُ الصيامِ.
إذاً الإنسانُ يقوِّي إرادتَه بالصيامِ، والإنسانُ بالصيامِ يُنَمِّي إخلاصَه، إنّ الصيامَ عبادةُ الإخلاصِ، وإنّ الصيام أيضاً ينمِّي مشاعرَ الإنسانَ، فقد يكونُ الطعامُ والشرابُ متوفِّراً، ولا يستطيعُ الإنسانُ أنْ يأكلَ أو يشربَ منه شيئاً.
مِن الفوائدِ الماديةِ للصومِ أنّ المعِدَةَ والجهازَ الهضميَّ تأخذُ إجازةً في رمضانَ، ويستريحُ جهازُ الدورانِ والقلبُ، والكليتان والتّصفيةُ، هذه الأجهزةُ الخطيرةُ التي إذا أصابَها العطبُ انقلَبَتْ حياةُ الإنسانِ إلى جحيمٍ، فإذا توقّفَتِ الكليتان توقفاً مفاجئاً، فإنه شيءٌ لا يُحتملُ، وإذا أُصيبَ القلبُ بالضّعفِ، وضاقَتِ الشرايينُ، وتصلّبَتْ، واحتشى القلبُ فالأمر عسيرٌ، هناك أمراضٌ تصيبُ القلبَ لا تعدُّ ولا تُحصَى، هناك أمراضٌ متفشِّيةٌ تصيبُ الأوعيةَ، هناك أمراضٌ كثيرةٌ تصيبُ المعدةَ والأمعاءَ، وأمراضٌ تصيبُ الكبدَ، وأمراضٌ تصيبُ جهازَ البولِ؛ هذه الأجهزةُ الخطيرةُ من جهازِ دورانٍ وهضمٍ، وجهازِ طرحِ الفضلاتِ، هذه الأجهزةُ يكون الصّيامُ وقايةً لها، لا نقول: إنّ الصّيامَ علاجٌ فحسب، ولكنه وقايةٌ.
تقول مقالةٌ عن أمراضِ القلبِ: "إنّ عملَ القلبِ وسلامتَه منوطٌ بِحَجمِ الطعامِ في المعدةِ ونوعيتِهِ"، فالقلبُ، وسلامتهُ، وانتظامُهُ، والشرايينُ ومرونتُها؛ هذه الأشياءُ متعلّقةٌ بِنَوعِ الطعامِ وحجمِه في المعدةِ؛ لذلك أمَرَنا النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ بالاعتدالِ في الطعامِ والشرابِ، واللهُ سبحانه وتعالى أمَرَنا بذلك أيضاً فقال تعالى: ﴿وكُلُواْ واشربوا وَلاَ تسرفوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين﴾ [الأعراف: ٣١].