هذا المرضُ اسمُه: الاعتلالُ الدِّمَاغِيُّ الإسفنجيُّ، ومسبِّباتُ هذا المرضِ كائناتٌ بالغةُ الصِّغَرِ، لم تُعرَفْ حتى الآنَ، ذاتُ دورِ حضانةٍ طويلٍ جداً، يمتدُّ إلى ثماني سنواتٍ، وفي الإنسانِ يمتدُّ إلى عشرين سنةً، وليس لهذا المرضِ الخطيرِ مظهرٌ التهابيٌّ، ولا مظهرٌ مناعيٌّ، واكتُشِفَ أخيراً أنّ هذا المرضَ يصيبُ البقرَ، ويصيبُ البشرَ، بل إنّ البشرَ إذا أكلوا من لحمِ هذا البقرِ أصيبوا بمرضٍ مشابهٍ لمرضِ البقرِ، وأعراضُ هذا المرضِ في البقرةِ تكلُّفٌ في المشيِ، ورفعُ القوائمِ عالياً، وفرطُ الإدراكِ الحسيِّ، والحكُّ، وفَقْدُ الشهيةِ، وفرطُ اللّعَقِ، وعدمُ التحكُّمِ العصبيِّ، واقترانُ هذا كلِّه بسلوكٍ عدوانيٍّ، ثم الموتُ.
ما يفعلُه الإنسانُ الشارِدُ، وما يفعلُه الإنسانُ الذي كَفَرَ بمنهجِ الخالقِ، ما يفعلُه الإنسانُ الذي اعتمدَ على عقلِه القاصِرِ فقط، بيَّنَتْهُ آيةٌ كريمةٌ وردتْ في كتابِ الله عز وجل، قال تعالى: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله﴾ [النساء: ١١٩]، يُغَيِّرونَ سُنَنَه، يغيِّرونَ قوانينَه.
هذا البقرُ الذي أصيبَ بالجنونِ بسببِ جنونِ البشرِ، وما المجنونُ في تعريفِ النبي صلى الله عليه وسلم؟ إنّ النبيَّ عليه الصلاةُ والسلامُ مرَّ بجماعةٍ فقال: "مَا هَذِهِ؟ " قَالُوا: مَجْنُونٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ بِالْمَجْنُونِ، وَلَكِنَّهُ مُصَابٌ، إِنَّمَا الْمَجْنُونُ الْمُقِيمُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى".
أمّا الشكلُ البشريُّ لهذا المرضِ فقال العلماءُ: فقدانُ الذاكرةِ، وفَقْدُ التناسقِ العضليِّ، وفَقْدُ التوازنِ، والعَمَى، وفَقْدُ النطقِ، وتحدثُ الوفاةُ بين ثلاثةِ أشهرٍ وعامٍ، من بداية ظهورِ الأعراضِ، ويرافق هذا قلقٌ، واكتئابٌ، وتغيّراتٌ سلوكيةٌ، واضطرابٌ في نشاطِ الدماغِ الكهربائيِّ، هذا المرضُ يصيبُ البقرَ، ويصيبُ البشرَ، بل يصيبُ البشرَ الذين يأكلون لحمَ هذا البقرِ، لذلك حَرَصَتْ معظمُ الدولِ على منعِ استيرادِ هذه اللحومِ من المواقعِ التي أصيبتْ بها البقرُ بالجنونِ.