إنّ الشيءَ الذي يؤكِّدُ هذه الحقيقةَ أنّ أيَّ سكينِ جزارٍ فيها آلافٌ مُؤَلَّفَةٌ مِنَ الجراثيمِ، وبمجردِ أنْ تلامِسَ هذه الجراثيمُ الدمَ تتوالدُ كلَّ نصفِ ساعةٍ وتتضاعفُ، ففي ثلاثِ ساعاتٍ تزدادُ مِن ألفِ جرثومٍ إلى مئاتِ مِئاتِ الألوفِ من الجراثيمِ، فلذلك لما حرَّمَ علينا ربُّنا عز وجل في كتابهِ الكريمِ الدمَ، وحرّمَ علينا لحمَ الميتةِ، وجدناه يتطابقُ مع أحدثِ النظرياتِ الحديثةِ المتعلِّقَةِ بتكاثرِ الجراثيمِ، وبالعدوى، فحينما تقرأُ القرآنَ يجبُ أنْ تعلمَ أنّ هذا كلامُ الخالقِ، ﴿وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٤]، وليس ثمّةَ جهةٌ أعْظمَ خبرةً، وأعظمَ صواباً في توجيهاتها مِن خالقِ الكونِ.
إنّ هذه الكلمةَ: ﴿دَماً مَّسْفُوحاً﴾، تؤكِّدُ أنّ هذا الدمَ وهو يجري في العروقِ دمٌ طاهرٌ، فإذا أصبح مسفوحاً تسلَّطتْ عليه الجراثيمُ.
والعربُ قبلَ الإسلامِ كانت تضع الدمَ في الأمعاءِ، وتَشْوِيهِ، وتأكلُه، واليوم في البلادِ التي لا تأتمرُ بأمرِ اللهِ عزَّ وجل يحلو لها أنْ تأكلَ اللحمَ مع دمِه، لذلك يُصعَقُ الحيوانُ صعقاً، ولا يذبحُ، ويقطَّع، وهذه اللتراتُ الخَمْسةُ التي هي دمُ هذا الحيوانِ تبقى في لحمِه، فإذا أحببتَ السعادة لنفسَك، وأردتَ أنْ تنجوَ من متاعبِ الحياةِ فطبِّقْ تعليماتِ الصانعِ، وهذا القرآنُ الكريمُ هو تعليماتُ الصانعِ، وهذا الذي ينبغي أنْ يفهمَه المؤمنُ، فليستْ أوامرُ الدين حدًّا لحرِّيتِه، ولكنّها ضمانٌ لسلامته.
إذا رأيتَ عمودَ كهرباءٍ كُتِبَ عليه: "خطر الموت"، هل تشعرُ أنّ المسؤولين وَضَعوا هذه اللوحةَ ليَحُدُّوا مِن حريتك، لا، إنما وضعُوها ليضمنوا لك سلامتَك.