مِن دلائلِ نُبوَةِ النبيّ ﷺ هذا الموضوعُ العلميُّ، تذكيةُ الذبيحةِ، وبحسبِ توجيهِ النبي ﷺ هي الذبحُ بطريقةٍ معيَّنةٍ، ويتمُّ ذلك بقطعِ الوريدِ الرئيسيِّ فقط، وأنْ يمتنِعَ الذابحُ عن قطع الرأسِ بالكاملِ، ولم يكن في عصرِ النبيِّ ﷺ ولا في الجزيرةِ العربيةِ، ولا في مراكزِ الحضاراتِ شرقاً وغرباً مِن معطياتِ العلمِ ما يسمحُ بتعليلِ هذا التوجيهِ، بل ولا في العصورِ التي تَلَتْ عصرَه صلى الله عليه وسلم، إلى أن اكْتُشِفَ أخيراً قَبْلَ بضعةِ عقودٍ من الزمنِ أنَّ القلبَ - قلبَ الإنسان وقلبَ الذبيحةِ - ينبضُ بتنبيهٍ ذاتيٍّ يأتيه من مركزٍ كهربائيٍّ في القلب، ومع هذا المركزِ الأولِ مركزان كهربائيان احتياطيان لهذا المركزِ، يعملُ الثّانِي عندَ تعطُّلِ الأوّلِ، ويعممل الثالثُ عندَ تعطُّلِ الثانِي، ولكنَّ هذا التنبيهَ الذاتيَّ الذي يأتي من القلبِ يُعطِي النبضَ الطبيعيَ (ثمانينَ نبضةً في الدقيقةِ، ليس غير)، أما حينما يواجهُ الكائنُ خطراً، ويحتاجُ إلى مئةٍ وثمانين نبضةً في الدقيقة لِتُسَرِّعَ الدمَ في الأوعيةِ، وليرتفعَ الجهدُ العضليُّ بزيادةِ إمدادِه بالدمِ فلا بد عندئذٍ مِن أنْ يأتيَ أمرٌ استثنائيٌّ كهربائيٌّ هرمونيٌّ من الغدَّة النخامية في الدماغ إلى الكظرِ، ثم إلى القلبِ، وهذا يقتضي أنْ يبقى رأسُ الدابةِ متّصلاً بجسمِها حتى يُفَعَّلَ الأمرُ الاستثنائيُّ برفعِ النبضِ.