إنّ قيمةَ العسلِ العلاجيةَ أضعافُ قيمتِه الغذائيةِ، ففوائدُه العلاجيةُ في مختلفِ أجهزةِ الجسمِ، وأعضائِه، ونُسُجِه ثابتةٌ، بل تفوقُ الحدَّ المعقولَ؛ كيف لا، وقد قال اللهُ عز وجل: ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٦٩].
فماذا عن إعجازِ نظمِ هذه الآيةِ؟ فلنَدَع الأمرَ لِرَاويهِ وعالِمِهِ.
عمِلَ أستاذٌ من الأساتذةِ في الجامعةِ أربعين عاماً يدرِّسُ علمَ تربيةِ النحلِ، وحينما قرأ قولُه سبحانه وتعالى: ﴿وأوحى رَبُّكَ إلى النحل أَنِ اتخذي مِنَ الجبال بُيُوتاً وَمِنَ الشجر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ [النحل: ٦٨] أخذتْهُ دهشةٌ لا حدودَ لها؟ لأنَّ ترتيبَ هذه الآيةِ ونظْمَها، ومدلولَ كلماتِها، وروعةَ إشاراتِها تتوافقُ مع أحْدثِ نظرياتِ النحلِ، بل إنّه لم يكن للعسلِ وقتَ نزولِ هذه الآيةِ الدورُ الذي عُرِفَ الآن، لقد كان العسلُ وقتَها غذاءً، فصار اليومَ دواءً، كان مادّةً حلوةَ الطّعمِ، فصار اليومَ صيدليةً بأكملِها، ﴿وأوحى رَبُّكَ إلى النحل أَنِ اتخذي مِنَ الجبال بُيُوتاً وَمِنَ الشجر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾.
قال العلماء: "لقد أوحى اللهُ عزَّ وجل إلى الأرضِ: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥]، ووحيُهُ إلى الأرضِ أن يأمرَها بأنْ تفعلَ شيئاً معيَّناً، وعندما يوحِي للنحلِ فذاك وحيُ الغريزةِ التي أودَعَها اللهُ فيها، وقد يوحي لإنسانٍ عادي وحْيَ إلهامٍ، كما أوحى إلى أمِّ موسى: ﴿وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ [القصص: ٧]، وعندما يوحي لأنبيائه فهو وحيُ الرسالة".


الصفحة التالية
Icon