إنّ الأرضَ مِن أكثرِ الكواكبِ في المجموعةِ الشمسيةِ كثافةً، فكثافةُ الأرضِ تزيدُ على كثافةِ الماءِ خمسةَ أضعافٍ، ويفسِّرُ العلماءُ الزلزلةَ بأنّها حركةٌ في باطنِ الأرضِ، حيثُ ينشأُ عنها ضغطٌ هائلٌ، لا تحتمِلُه قشرةُ الأرضِ، عندئذٍ تتصدَّعُ هذه القشرةُ، وهذا التصدُّعُ في قشرةِ الأرضِ هو الزلزالُ الذي نستمعُ إلى أخبارهِ مِن حينٍ إلى آخرَ، عِلْماً أنَّ هذه القشرةَ يزيدُ سَمكُها على تسعينَ كيلو متراً، وهي مِن صخورِ البازلت، وهذه الصخورُ مِن أقْسَى أنواعِ الصخورِ، ومع ذلك تتصدّعُ، فهذا الضغطُ من باطنِ الأرض الذي يصدِّعُ قشرةً من البازلت يزيدُ سمكُها على تسعينَ كيلو متراً، وهذا طرفٌ من معنى: إن اللهَ قويٌّّ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الله هُوَ الرزاق ذُو القوة المتين﴾ [الذاريات: ٥٨].
ويقول بعضُ علماءِ الزلازلِ: هناك زلزالٌ حَدَثَ في الصينِ في عامِ (١٥٥٦)، أودَى بحياةِ ثمانمئة وثلاثين ألفاً في ثوانٍ، وفي عام (١٧٣٧) حدثَ زلزالٌ في الهند، أودَى بحياةِ مئة وثمانين ألفاً، وفي عام (١٩٢٣) حدث زلزال في اليابان أودى بحياةِ مئة ألف، وفي عام (١٩٧٦) حدث زلزالٌ في الصينِ أودَى بحياة مئة ألف، وحدث زلزالٌ في إيطاليا أودى بحياة خمسة وثلاثين ألفاً، في ثوانٍ معدودة، قال عز وجل: ﴿ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: ١].
سألوا عالماً كبيراً من علماءِ الزلازلِ: "هل يمكنُ بما أُوتِينا من عِلمٍ متقدِّم أنْ نتّنبأَ بالزلزالِ قَبْلَ وقوعه، ولو بدقيقة؟ فقال: لا، إلاّ أنّ حيواناتٍ كثيرةً في مقدّمتِها مَن يُضْرَب المثلُ بغبائِه - الحمار - يشعرُ بالزلزالِ قبل وقوعه بربعِ ساعةٍ"، ذلك لأنّ هذه الحيواناتِ ليست مكلفةً كالإنسانِ، وليست مقصودةً بالزلزالِ، قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب: ٧٢].


الصفحة التالية
Icon