تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد)
قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ [الحج: ٣].
قالوا: نزلت هذه الآية المكية في النضر بن الحارث، وكان من كبراء مكة، وكان شديد الخصومة للنبي صلى الله عليه وسلم، يجادل بالباطل، ويناظر على الباطل الذي يقوله، كان يجادل بجهل، لا معه أثر من علم، ولا معه عقل حتى يأتي بحجة بينة، فيقوم يقول كلامه ويصدقه الكفار على ذلك.
وإن كانت الآية نزلت في هذا الرجل بخصوصه، ولكن تشمل غيره بعموم اللفظ.
قال الله: (ومن الناس) أي: يوجد من الناس من يجادل وهو لا يعرف شيئاً، يجادل بالباطل، وهذا ذم شديد لمن يجادل في الدين أو في غيره بغير علم، فليجادل الإنسان بعلم في حق، وإن كان النبي ﷺ أمرنا بترك الجدل وقال: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً) إلا أن يكون لنصرة دين الله سبحانه تبارك وتعالى، وللرد على كافر أو مبتدع.
هذا الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل غير قادر على إحياء من قد بلي وعاد تراباً، وقال: أتزعم أن ربك يعيد هذه العظام وقد رمت وبليت؟! فالله عز وجل يثبت حماقة هذا الإنسان وجهله وجداله بالباطل وبغير علم فقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ [الحج: ٣] فهنا الإنسان الذي يجادل بغير علم يتبع الشيطان المريد المتمرد العاتي العاصي لربه، الخارج عن طاعة رب العالمين سبحانه.