تفسير قوله تعالى: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة القصص: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [القصص: ١٣ - ١٤].
في هذه الآيات من سورة القصص يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وكيف أن الله سبحانه حفظه، وكيف أنه منع فرعون من قتله، وكيف أنه أنشأه سبحانه وتعالى على وعده الذي وعد أمه ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: ٧] فنشأ في بيت فرعون على ما أراد الله عز وجل له، فكان عزيزاً نبياً من أنبياء الله على نبينا وعليه الصلاة والسلام، رباه الله سبحانه قال: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩] فالله سبحانه رباه تربية عظيمة في بيت عدو الله، ولم يكن موسى قد صار نبياً إلا في علم الله سبحانه، ولم تكن نبوته إلا بعد أن رجع من مدين إلى مصر، ثم رأى النار في الطريق، على ما ذكر الله عز وجل في سورة الشعراء وفي سورة النمل، وهنا يذكر أيضاً في سورة القصص، فالله سبحانه وتعالى يعلم المؤمنين بأنهم إذا صبروا أنجاهم الله عز وجل وإذا اتقوا ربهم سبحانه جعل لهم مخرجاً، ويضرب لنا الأمثلة في ذلك في القرآن العظيم، كيف نجى موسى وكيف نجى يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام من كيد من كادوا له ومكروا به، وكيف نجى أنبياءه ورسله وأهلك أعداءه سبحانه وتعالى، فلذلك فإن الإنسان المؤمن يقرأ كتاب الله سبحانه ويتدبر الآيات ليعي هذا الأمر، فإذا أردت الخروج من ضيق ما أنت فيه فعليك بتقوى الله سبحانه، فهذا موسى عليه الصلاة والسلام قد رده الله إلى أمه لترضعه، ولينشأ في خدرها، وما زال هو في بيت فرعون، ولكن أخذته أمه تحتضنه وترضعه.