تفسير قوله تعالى: (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار)
ثم يذكر الله سبحانه تبارك وتعالى المؤمنين، وكيف يعاملهم الله بفضله وبرحمته سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [الحج: ١٤].
الكفار كانوا ينظرون إلى هذه الدنيا على أنها: طالما الله يعطينا في الدنيا فسيعطينا في الآخرة، فيقيسون الآخرة على الدنيا، وأنتم يا فقراء المسلمين! الله لن يعطيكم، فكيف سيعطيكم الآخرة إذا كان لن يعطيكم في الدنيا، فنحن أعطانا المال والبنين، فالله يحبنا، إذاً نحن أفضل، فسيعطينا يوم القيامة أكثر، فيخبر الله عز وجل أن هذا الشيء وهم، فإن الله أعطاكم ليس لأنه يحبكم، وليس لأن يرفعكم على الخلق، بل ليملي لكم، فإن كيده متين سبحانه.
قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ﴾ [الحج: ١٤] فالمؤمنون الصابرون يستحقون الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، جنات وبساتين عظيمة (تجري من تحتها الأنهار) أي: تجري في أرضها الأنهار، أنهار من لبن، وأنهار من عسل، وأنهار من خمر، وأنهار من ماء، لا يكدرها شيء.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [الحج: ١٤] أي: يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، ويرفع من يشاء، ويضع من يشاء، ويدخل الجنة من يشاء، ويدخل النار من يشاء ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣]، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [الحج: ١٤]، والكفار لا يعجبهم أن المؤمنين يدخلون الجنة وينصرهم الله عز وجل، بل يغضبون، فنقول لهم: اضربوا برءوسكم على الحائط، واشنقوا أنفسكم، وافعلوا ما تشاءون، فهل هذا يغني عنكم أم لا يغني؟!