تفسير قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الروم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: ٢٠ - ٢٤].
من آياته العظيمة ومعجزاته: ﴿أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: ٢١]، فالله سبحانه وتعالى يهدي القلوب ويوفق الإنسان لأن يتزوج ويختار المرأة الصالحة التي تصلح له ويجعل المودة والرحمة في القلوب، وهذه آيات من رب العالمين؛ لعل الناس يتفكرون فيها ويعقلون معانيها، فيؤمنوا بالله سبحانه وتعالى خالقها وباريها.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: ٢١].
وختم كل آية بما يناسب الآية، فجعل الله عز وجل لكم من أنفسكم آية من الآيات وهي آية الخلق وآية النكاح، قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: ٢١]، فالمؤمن يتفكر في نفسه وفي أهله وفي ولده، كيف أن الله سبحانه وتعالى جمع بينه وبين زوجته، ولعله لم يكن يعرفها قبل ذلك، ولكن الله قدر أن يتزوج فلان من فلانة، وأن يكون له ولد، وأن يكون بينه وبينها مودة ورحمة، وهذه آيات لقوم يتفكرون، فيعلمون أن الله سبحانه يقدر لهم الخير، ويريد بهم الخير ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر.