تفسير قوله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم)
قال الله سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم: ٢٢]، السموات فوق الأرض، وهناك بون شاسع بين السماء والأرض، كالبون بين لسان ولسان، هذه السماء بما فيها من كواكب وأجرام، وأشياء لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، متفاوتة فيما جعل الله عز وجل فيها، هذا نجم شديد الاشتعال، وهذا نجم بارد جداً، وهذه شمس، وهذا قمر، وهذا كذا، أشياء مختلفة، ولكن تتفق جميعها في أن كل واحدة منها آية عظيمة من آيات الله سبحانه وتعالى، تدل على الخالق الواحد سبحانه وتعالى، من أصغر الأشياء لأكبر الأشياء آية من آيات الله، فتتشابه جميع هذه الآيات في كونها آيات عظيمة، وكونها تدل على خالقها العظيم سبحانه وتعالى، من الذرة إلى المجرة، انظر إلى المجرة كيف تدور في هذا الكون، ثم يجعل أشياء صغيرة فيها كالشمس وما حولها من الكواكب، تدور حولها الشمس وتجري وحولها الأرض، وحول هذه الشمس كواكب مقرونة بهذه الشمس تدور حولها في نظام بديع جداً، الشمس بما حولها تجري في هذا الكون حول شيء أكبر منها، والمجرة وما حولها تدور وتجري في الكون حول شيء أكبر منها، وأصغر شيء في الكون الذرة الصغيرة وفيها نواة بداخلها وحولها مدارات تجري الالكترونات فيها بنفس النظام الذي تجري فيه الشمس، وكل شيء يجري ويدور ويتحرك يدل على خالقه سبحانه وتعالى الذي خلقه، فأصغر الأشياء وأعظم الأشياء يدل على أن الخالق واحد لا شريك له، إن في ذلك لآية للعالمين.
كذلك في نطق الإنسان واجتماع عقله مع لسانه مع شفتيه في حركات متوافقة، فالعقل يفكر واللسان يتحرك وكذلك الشفة ويعبر الإنسان عما في داخله، هذا يعبر بطريقة، وهذا بطريقة، وهذا بطريقة، هذا له صوت، وهذا له صوت آخر، وهذا له صوت ثالث، هذا له لغة، وهذا له لغة أخرى، وهذا له لغة ثالثة، والذي خلق هذا كله هو الله سبحانه وتعالى، والذي يتدبر ذلك العالمون، أي: أهل العلم هم الذين ينظرون ويتأملون كيف أنطق الله كل شيء بما يليق به.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم: ٢٢] بذلك، و (للعالَمين) أي: لخلق الله أجمعين ليتدبروا ويتأملوا.