إثبات صفة الاستواء لله على عرشه كما يليق بجلاله
قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [السجدة: ٤] أي: الله خلق العرش، فكما أن السماوات مخلوقة، والأرض مخلوقة، والكائنات كلها مخلوقة، فكذلك العرش مخلوق، والله استوى على العرش استواء يليق به من غير تشبيه ولا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تأويل ولا تعطيل، نثبت له سبحانه وتعالى صفاته كما أثبتها لنفسه.
إذا تكلمنا على الخلق نقول: استوى الملك على كرسي عرشه، فيكون المعنى: أن الملك يستوي على سريره ويستوي على عرشه، وكل مخلوق من مخلوقات الله عز وجل يستوي على ما يجلس عليه بما يليق به أنه مخلوق، أما الخالق سبحانه وتعالى فلا يحتاج إلى شيء، وهو مستغن عن العرش وما دونه، وهو فوق كل شيء سبحانه ومحيط به، وهو سبحانه يمسك السماوات أن تزولا، فالله سبحانه استوى على العرش كما يليق به، فلا نقول: كيف استوى على العرش؟ وإنما نقول: استوى استواء يليق به سبحانه وتعالى.
ولا نحرف هذه الكلمة كما تحرفها المعتزلة وغيرهم، يقولون: استوى على العرش يعني: استولى على العرش، وهذا كلام باطل؛ لأننا لو قلنا: استوى بمعنى استولى لكان له خصم، وهذا الخصم يريد أن يأخذ منه هذا الشيء، فهو يستولي على هذا الشيء بقهره لخصمه، وحاشا لله عز وجل أن يكون له شريك في ملكه سبحانه، أو من ينازعه ملكه سبحانه، نقول: استوى بالمعنى الذي يفهمه كل إنسان من استواء الإنسان على عرشه على كرسيه، ولكن لا نكيف ولا نمثل ولا نقول: استواء الله على عرشه كاستواء الإنسان على كرسيه، لا، وإنما نقول: استوى استواء يليق به سبحانه، الكيف لا نعلمه، أما معنى الاستواء فمعروف.