تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه)
قال تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: ٧]، كل خلق لله عز وجل حسن، وكل خلق الله عز وجل إذا تأمله العبد وجد القدرة العظيمة، والخلق البديع له سبحانه تبارك وتعالى، يجد ذلك في الصغير والكبير؛ في القليل والكثير، في الشيء الذي يراه الإنسان كبيراً عظيماً أو صغيراً حقيراً، فقدرة الله عز وجل ظاهرة في كل شيء، فهو ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: ٧] فالطين هو أصل الإنسان، منه خلق آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام بعد أن كان عدماً، فقد أوجد الله عز وجل الماء ثم أوجد التراب ثم أوجد الطين، ومنه خلق آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، والله عز وجل يباين بين خلقه أصلاً وشكلاً ونوعاً وكماً، فهو يخلق خلقه مما يشاء، فقد خلق الملائكة من نور ﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾ [الرحمن: ١٥]، وخلق آدم من تراب، ثم خلق ذريته منه، وقد وصف الله سبحانه آدم عليه السلام في أكثر من موطن في القرآن الكريم منها قوله سبحانه: ﴿مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢]، وقوله: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦]، وقوله: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ [الرحمن: ١٤]، وقوله: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ﴾ [السجدة: ٧] أي: جنس الإنسان.
وقد ذكر الله عز وجل في القرآن، وذكر النبي ﷺ في السنة أن الله عز وجل خلق آدم بيده، وأنه نفخ فيه من روحه سبحانه تبارك وتعالى.
فبيان القرآن وبيان السنة يدل على أن آدم عليه السلام معجزة من المعجزات العظيمة، وآية من الآيات الباهرة التي تشهد بقدرة الخالق العظيم سبحانه تبارك وتعالى.
وإذا كان كل إنسان مخلوق من أبوين: أب وأم، فقد يرينا الله عز وجل قدرته العظيمة بأن يجعل من البشر من يخلق بغير أب كالمسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فهو مخلوق من أم فقط، فأرانا الله عز وجل في خلقه آية من عظيم آياته.
وإذا تعجب الإنسان من أن الله عز وجل خلق المسيح عليه الصلاة والسلام من أم فقط فإن الله عز وجل يقول: إن هذا ليس بأعجب من خلق آدم، فقد خلقته من غير أب ولا أم!